يُخيلُ إليّ أن جمالها من أدلة وجود الله، وأنها تعبر المحيط بعينيها غير آبهة بالغرق، فإغراقها لغيرها بات عملًا اعتياديًا تقوم به على الدوام. انتصرت مؤخرًا في معركة اجتماعية، كان سلاحها مختلفًا عن المعتاد، سلاح ماظن الإنسان يومًا أنه سيستخدمه لتصفية أعدائه ومقابليه، فكانت مخترعة لنوع من الأسلحة خرجت به عن المعهود الذهني للحرب. دافع جورج لايكوف عن فكرته القائلة بأن الاستعارات تقتل، وحلل غزو الكويت بهذه الفرضية، لكنه غفل عن نوع آخر من الأسلحة القاتلة أشد فتكًا وضراوة، ويمتد إلى النفس فيحطمها فلا تعود تهيم في العالم الأمثل كما ظن أفلاطون، بل تغدو النفس راقصة من فرط سعادتها أن أصبحت مستعبدة مستعمرة من صاحبة السلاح، وغاية ما تطمح إليه أن تستمر هذه الحرب فلا تتوقف، وأن تفشل كل الوسائط لحل هذه المعركة، ويستمر النزيف ويطول الجرح ويتعمق العذاب! يصعب جدًا تصنيفها؛ أهي من البشر أم ملاك خُلق كي يُبتلى به راؤوه، وقد احتار الناس في أمرها؛ أيعتريها الزمان بتقلباته فتكبر، أم يهادنها فتبقى صبية؟ ولعل هذا الخطب جعلها تبدو في غاية البعد عن هذا الجدل فتحقق ما كان المتنبي يصف نفسه به، وكأنها تخبرنا بتحليل جديد لمقولة ذاك الشاعر الذي قال إنه ينام قرير العين وغيره مشغول به، فاكتشف أهل زماننا أنه كان يستشرف المستقبل كي يخبرنا بقدوم صاحبة السلاح! أما سلاحها فهو تلك الروح المطلقة التي لا يمكن النفاذ إليها، جوهر نقف عند ظاهره كما لو كانت شارحة لمقولات كانط، وجامعة للذات والموضوع في آن واحد كما يخبرنا هيجل، فتصبح مثالية في حقيقتها، واقعية في الجدل المادي الذي تحدثه، ولقد قلت عنها ماسبق واستغفر الله على قصور وصفي.