لست أبالغ إنْ قلت إنها حققت تعريف هيجل للجمال، وقد كان تعريفه له: الصورة المثالية المتحقق فيما هو محسوس. تغنى الشعراء ونظّر الفلاسفة للجمال والرقة والإحساس، لكنهم جعلوا كل ذلك معلقًا لا يمكن تحقيقه، فبات الواقع مختلفًا عن التنظير، وحدثت قطيعة بين ما في الذهن والواقع، فضعف الشعور بالجمال لاستحالة وقوعه وتمثله ماديًا، لكن فاتنة تسكن هذه الأرض قد قلبت كل هذه النظريات، وأحدثت بجمالها الروحي والمادي قطيعة ابستمولوجية أثبتت من خلالها أن تحقق الجمال صار ممكناً، وأن هيجل لم يكن بصيرًا في فلسفته للجمال، بل إنها تعدت ذلك لتحقق ما كان ينادي به كانط من الأخلاق المطلقة، فروحها حوّلت المثالية إلى واقع مادي آني وليس تاريخياً، فردت فلسفة ماركس دون أن تشعر! عيونها تشبه الوجود الذي حكى عنه سارتر، فأصبحت سابقة لهويتها، لكن جدلًا كبيرًا بين عينيها وشفتيها انتهى إلى تحقق الوجود لذاته في ذاته عند ابتسامتها، فاجتمعت ملامحها لتشكل لحظة المفهوم الذي يؤسس للعقل ويجعله سيدًا على باقي العبيد، أما ظاهرها فإنه مطابق لجوهرها كما لو أنه شرحٌ لنقد هوسرل على كانط، وجسدها هو الذي أوحى لمورلوبنتي بتدشين فلسفة الجسد، إذ رأى في منامه حلمًا قيل له فيه إن فاتنة من بني البشر ستأتي، فسأل فرويد -وكان للتو نشر كتابه عن تفسير الأحلام- فأخبره الأخير بأن يسارع في تأسيس فلسفة الجسد وأن يُبشر بقدوم من يحقق ما يقوله في قابل العقود، فكتب «المرئي واللامرئي» احتفاءً بسيدة النساء ومحققة الوجود الجمالي في ذاته ثم سلم العهدة لجورج لايكوف كي يكتب للناس ماهية هذه القادمة إليهم، فكان لايكوف في حيرة من أمره ماذا يكتب؛ فجعل هذه الفاتنة استعارة؛ استعارة نحيا بها، ثم استعارة تقتل، ثم استعارة جسدية! وانتهى الأمر إلى أن تمنى لايكوف أن يرى هذه الجميلة فغارت زوجته روبن لايكوف وطلبت الطلاق فطلقها! لعل ما قلته سابقاً يقرب لك عزيزي القارئ كيف هي محبوبتي، ويصف لك شيئًا من جمالها ذي البعد الواحد، كي تعلم سبب تحولي من الفلسفة إلى التداولية الإدراكية !