جدل مستمر، تارة بين سائقي المركبات وتارة بين هواة المشي ومحبي السير على الأقدام أيهم أهم وأكثر احتياجاً، المركبات وأعدادها الكثيرة أم المشاة وأعدادهم القليلة، حتى الأجواء لا تساعد خاصةً في فصل الصيف لمنح ممرات المشاة أرصفة عريضة تم اقتطاعها من حارات مسار السيارات. "الرياض" طرحت وجهات نظر الساكنين والمختصين الأكاديميين في تنمية المدن والعمارة، ففي البداية قال د. عبدالعزيز بن إبراهيم العمري -عضو سابق في مجلس بلدي الرياض-: "نشكر الأمانة على الجهود المبذولة في مواصلة خططها لأنسنة المدينة منذ أيام الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف حين كان أميناً للرياض وبرعاية خاصة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- مهندس الرياض الأول حين كان أميراً لها"، مضيفاً "إن جزءاً من هذه الخطة يتم تنفيذها حالياً في "حي الفلاح" بالرياض، بل وقفت عليها بنفسي هذه الأيام مع علمي السابق بهذه الخطط حين كنت في مجلس الرياض البلدي إلاّ أن هنالك بعض الملاحظات حيث لا يوجد عمل كامل!". تضييق الشوارع وأشار د. العمري إلى أن من تلك الملاحظات التضييق على مواقف السيارات الخاصة ببعض المساجد، وكذلك تضييق الشوارع بشكل لافت للنظر، حتى أنه سمع أحد المواطنين يقول: "أصيبت الشوارع بجلطات" نتيجة تخفيف عدد المسارات، بينما حركة السيارات خاصةً في منطقة المدارس هي في أمس الحاجة للسعة والمرونة، فالمشاة يعدون محدودين مقارنةً بالحاجة إلى مسارات السيارات المتعددة بدلاً من الحد منها، إذ إن كثافة السيارات عالية نتيجة كثرة الوحدات السكنية على الشوارع الكبيرة وكثافة الحركة المرورية فيها، داعياً الجهات المعنية مراعاة ما يمكن من تلك الملاحظات، خاصةً في الأجزاء التي لم تنفذ بعد. تطبيق وتخطيط وأوضح محمد بن عبدالكريم العنيق -مختص في الأنظمة والإدارة- أن مشروع توسعة الأرصفة وتهيئتها لممارسة رياضة المشي وتقليل الرحلات بالسيارة للمساهمة في الحد من تلوث الهواء أمر حسن ويساهم في أنسنة المدينة وجودة الحياة شريطة أن يطبق المشروع وفق ما خطط له، مستدركاً أن التطبيق الفعلي لا يتفق في الغالب مع الهدف المعلن والسبب، حيث تحول تلك الأرصفة إلى جلسات في الهواء الطلق تابعة للمقاهي والبوفيهات، وأصبحت تعيق المشاة وتؤذيهم بما تنفثه من روائح، خاصة عندما سمح لتلك المقاهي بتقديم الشيشة، كما امتد الأذى إلى سكان الشقق التي تعلو تلك المقاهي، خلافاً أنها مقلقة للراحة إذ يمتد عملها حتى ساعات متأخرة من الليل، مبيناً أن الجهات المعنية تولي صحة المواطن وراحته وجودة الحياة جل اهتمامهم، لهذا لا بد من إعادة النظر في الموضوع بما يتناسب مع ما وصلت له المملكة من تطور وازدهار في الأعوام الأخيرة. حل انفعالي وأكد م. أحمد عبدالعظيم -مهندس معماري- على أن اختلاف وجهات النظر حول توسيع الأرصفة هو جدل قائم بين مؤيد ومعارض لأي فكرة، وهذا من المسلمات، متسائلاً: "ما معايير توسيع الأرصفة؟"، ليجيب "إن المعايير ومؤشرات قياسها هي إحدى المحدادات الرئيسة التي تساعدنا في اتخاذ القرارات التطويرية لمعرفة الخيارات الأنسب، وبعد ذلك يمكن تفضيل أحد الخيارات"، مبيناً أن الرصيف جزء منفصل عن المسار الرئيس سواء كان مرتفعاً أو منخفضاً أو في المستوى نفسه، وعادة يكون بمادة مختلفة، مشيراً إلى أننا في النقاش نتحدث عن الأرصفة المخصصة للمشاة في مجتمعنا السعودي، وحالياً توسيع الأرصفة بشكل عشوائي هو حل انفعالي لاتخاذ إجراء سريع للوصول إلى غاية مؤقتة. تحقيق الأولوية وذكر م. أحمد عبدالعظيم أنه على سبيل المثال وليس الحصر يمكن أن يتم إلغاء طريق سيارات في ممر محلي لأجل ترصيفه بالكامل للمشاة، فهنا يمكن أن يكون الحل مثالي في حال أن عدد المشاة عالٍ في هذا الطريق، أمّا في حال أن المشاة لا يستخدمونه فذلك يؤدي إلى زيادة طول رحلة السيارة من غير تحقيق الفائدة المرجوة، لذلك فالأفضل أن يتم تحقيق الأولوية لكل تقاطع بين مستخدمي الطريق -المشاة والدراجة والسيارة- وهي أحد المعايير المهمة للوصول لجودة أفضل للمسار، لافتاً إلى أن وجود معايير ومؤشرات قياسية تحدد من له الأولوية في هذا المسار، علماً أن الموضوع لا ينتهي عند هذا الحد؛ لأنه لا بد أن يكون له تقييم دوري مرتبط بعدد مستخدمين المسار، ذاكراً أنه يمكن تطويره لاحقاً بما يتناسب مع المتغيرات المطردة. وأضاف أن تصميم جودة المسار تعتمد على عدة معايير، منها: الأمان، والمواد المستخدمة، والأولوية في التقاطعات، ونسبة المستخدمين وغيرها، مُشدداً على أن التغيير لا بد أن يكون من خلال سن قوانين عامة لاستخدام المسارات من خلال وزارة الشؤون البلدية والقروية ويُفّعل دور البلدية المحلية في تطوير التقاطعات حسب الاحتياج الأمثل. عرض وارتفاع وقال م. ياسر بن عاصم قفاص -مهندس تخطيط مدن-: "إن الأرصفة عبارة عن حدود لطرق السيارات وتستخدم كممرات للمشاة، إضافةً إلى احتوائها على احتياجات الممرات والطرق كالإضاءات والإشارات وغيرها، لهذا يعد الاهتمام بالأرصفة أمراً ضرورياً لتوفير ممرات مشاة مناسبة وآمنة"، مضيفاً أنه لا بد من تحديد عروض وارتفاعات الأرصفة والممرات وتحديد ما تحتويه من أدوات مساعدة للمشاة بناءاً على معايير دقيقة تتناسب مع عرض طرق السيارات، ووظيفة الطريق والعدد المستهدف من المشاة لخدمتهم، فعلى سبيل المثال الأرصفة المجاورة للطرق التجارية تختلف مواصفاتها واحتياجها عن تلك التي تجاور الطرق السكنية حيث أن عدد المستخدمين أقل وبالتالي عرضها يكون أقل، مشيراً إلى أنه من ناحية أخرى يجب الأخذ في الاعتبار العوامل المناخية وكيفية التوفيق بينها وبين طرق المشاة، وبالتأكيد هذا يشكل تحدياً كبيراً في المناطق الحارة، حيث يتوجب توفير التظليل المناسب لممرات المشاة كالتشجير أو المظلات ليسهل استخدامها، كذلك يمكن الاستفادة من توسيع الأرصفة في تمديد خدمات البنية التحتية تحتها، وبالتالي يقل التأثير على طرق السيارات. أعمال التطوير ضيّقت الشوارع د. عبدالعزيز العمري محمد العنيق م. أحمد عبدالعظيم م. ياسر عاصم المشروع يتطلب أن يكون التخطيط جيداً