عرفت بلادنا الفن من خلال المسرح الذي كان الانطلاقة الأولى في هذا المجال، وتعود البدايات إلى عام 1348ه حيث تم تقديم عرض مسرحي في منطقة القصيم بعنوان: «حوار بين جاهل ومتعلم»، وتم أداؤه أمام المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، ومن بعد ذلك التاريخ انطلقت الفنون بشكل عام في بلادنا، فقد شهدت نهاية السبعينيات الهجرية أولى بوادر التجربة المسرحية، حين أسس أحمد السباعي مسرح قريش في مكةالمكرمة، واختار مسرحية «صقر قريش» لتعرض في ليلة الافتتاح، وعلى الرغم من أن هذه التجربة تعرضت للإجهاض قبل أن ترى النور، إلاّ أنها كانت أولى تباشير التشكل المسرحي في المملكة، ولعلها كانت قادرة في حال نجاحها على صياغة شكل جاد وحقيقي لصورة المسرح السعودي الذي ظل منذ ذلك الوقت يتشكل بتجارب شخصية أو نخبوية، صاعدة أحياناً ومتعثرة في أكثر الأوقات، إذ ظل المسرح ذا طابع مدرسي، حيث إن كثيراً من العروض المسرحية تقدم على مسارح المدارس والجامعات بالإضافة للعروض المسرحية في فترة الأعياد، من خلال تقديم مسرحيات تاريخية ودينية، تعتمد في نصوصها على الكتب المدرسية. دروس اجتماعية ومرَّ المسرح بمرحلة أخرى منذ عام 1384ه حتى 1391ه، وهي الفترة التي شهدت مسرحيات للكبار والصغار، وكانت تركز على الدروس الاجتماعية ذات التراكيب الدرامية الترويحية، وكانت تقدم عن طريق المدارس والأندية، وتمتاز هذه الفترة ببروز مسرحيات من تأليف الكتاب السعوديين، وقد شهد المسرح من عام 1392ه وحتى اليوم احتفالات الأندية الرياضية والمدارس على مستوى مناطق المملكة واختيار المسرحيات الناجحة ودمج بعضها للدخول في مسابقات الفنون المسرحية، وتميزت تلك المرحلة بتركيز شديد من الأندية والمدارس على مسرح الطفل والشباب، وظّلت المدارس والأندية تمثل الانطلاقة الأولى للمسرح، واعتبر التمثيل وبعده الفنون الإبداعية المتعلقة به كالتأليف والإخراج إحدى أدوات الأنشطة الطلابية أو أنشطة الفرق الفنية التابعة للأندية، وبعد تأسيس جمعية الفنون الشعبية عام 1970م تم إنشاء قسم الفنون المسرحية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1974م مما أدى الى قيام الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون برعاية الآداب والفنون ومنها المسرحية منذ عام 1973م، وظل المسرح السعودي فناً أدائياً يُقدم على المسارح، وتشرف عليه حالياً وزارة الثقافة، ويهدف إلى تعزيز القيم الثقافية والاجتماعية، وللجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون دور في رعاية ودعم المسرح السعودي في جميع مناطق المملكة، ويعيش المسرح في وقتنا الحاضر أوج توهجه حيث يتم عرض العديد من المسرحيات الهادفة بمشاركة الكثير من الفنانين المحليين والخليجيين والعرب وخصوصاً في موسم الرياض. ظهور متأخر والمتتبع للحركة المسرحية في بلادنا يجد أنها بدأت متأخرة عن الدول العربية التي سبقتها في هذا المجال بمراحل عديدة، لكنها في مراحل النهضة الحديثة قد تخطت الكثير من الدول في شتى المجالات، ولمعرفة تفاصيل نشأة المسرح السعودي لابد من الرجوع إلى بعض المصادر وهي على قلتها قد تعطي صورة واضحة لهذه المسألة، يقول عبدالرحمن الخريجي وهو أحد رواد الحركة المسرحية في المملكة في كتابه (نشأة المسرح السعودي) الذي صدر عام 1986م: «لا شك في أن المتتبع للمسارات الأدبية في الوطن العربي الكبير سيجد المملكة العربية السعودية تأتي في مؤخرة معظم الدول العربية فيما يخص المسرح بأنواعه الثلاثة التعليمي والخاص والعام»، ويضيف أن المناخ السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي لم يبدأ إلاّ حديثاً جداً قياساً بحياة الأمم أو الدول، فالكل يعلم حال جزيرة العرب قبل حركة التوحيد على يد المغفور له الملك عبدالعزيز، وتلك الحال غير المستقرة وهي حالة يستحيل معها وجود المسرح بمفهومه الشامل، وذلك بسبب فقر المناخ المناسب لظهور مسرح بين عرب رحل هم إلى افتراش الغبراء والتحاف الزرقاء أقرب من إيجاد صالات ودور عرض. أحمد السباعي وكثير من المؤرخين للمسرح السعودي يشيرون إلى الشيخ أحمد السباعي وهو أحد أعلام ورواد الأدب في المملكة، بأنه أول من قام بإيجاد أدب للمسرح في البلاد، فهو أول من أوجد مدرسة لتعليم التمثيل وأول من أنشأ بناء خاص بالعروض المسرحية، وأول من استقدم مخرجاً للأعمال المسرحية، واستمر الحال عنده نشطاً فكانت «دار قريش للتمثيل الاسلامي»، كما أن الدراسات تشير إلى أن الشاعر حسين عبدالله سراج هو أول من أوجد المسرحية الشعرية السعودية، حيث كان ناضجاً في التأليف المسرحي بفضل معايشته لأدباء مصريين لهم باع في هذا المجال أمثال أحمد علام ومحمود تيمور وعزيز أباظة، كما أن الدكتور عصام خوقير يعتبر من رواد المسرحية النثرية السعودية وهو أشهرهم، فقد كتب مسرحية بعنوان «الدوامة» عام 1380ه ثم عرف الجمهور بمسرحيته الثانية «السعد وعد»، وقد حولت فيما بعد إلى مسلسل تلفزيوني. ويقول ناصر الخطيب في كتابه (مدخل إلى دراسة المسرح في المملكة العربية السعودية): إن الدكتور عصام خوقير قد ذكر أنه: حين كتبت هذه المسرحيات لم يكن المسرح فناً مقروءاً، وكانت الكتب التي تقرأ هي الدواوين والقصص وبعض الروايات، ولهذا أردت أن أجعل من المسرح فناً أدبياً ككل الأجناس الأدبية الأخرى في الأدب السعودي. مسرح التلفزيون وبعد تلك البدايات المتعثرة للمسرح السعودي كان لوزارة المعارف دور بارز في إيجاد المسرح مع غيره من مناهج التعليم، وكانت مكةالمكرمة هي البداية والانطلاقة الحقيقية، وكانت ثانوية الرياض لديها مسرح يمارس الطلاب التمثيليات فوقه ويلقون كلماتهم وقصائدهم الشعرية، وبجانب ثانوية الرياض كانت توجد المعاهد العلمية وكلية الشريعة التابعة للمفتي الشيخ محمد بن إبراهيم، ومعهد الأنجال الذي يطلق عليه الآن معهد العاصمة، وكانت هذه الدور العلمية في مراحلها الأولى تمارس نوعاً من المحاضرات والندوات والقصائد والتمثيليات وهذه المحاولات نطلق عليها المسرح ولكن بساطتها تركت أثراً في نفوس الناس ونشرت وعياً ارتبط بالثقافة، كما كان لوزارة الإعلام أيضاً دور في نشر اسم المسرح وإعطاء مفهوم جديد لمن لا يعرف ماهية المسرح، وكان ذلك من خلال مسرح الإذاعة أو مسرح التلفزيون، ففي عام 1981م استمع جمهور الإذاعة العربية السعودية من جدة إلى برنامج مسرح الإذاعة الذي أخرجه حينذاك المخرجان محسن شيخ وعادل جلال، وكان هذا المسرح متعدد الفقرات من ضمنها مشاهد وتمثيليات، وهذه المشاهد والتمثيليات أعطت البلاد ممثلين موهوبين صار لهم مكان في النفوس حينا من الزمن ومنهم حسن دردير ولطفي زيني وعبدالرحمن حكيم ومصطفى فهيد والشريف العرضاوي ومحمد علي يغمور وعبدالرحمن يغمور وأمين قطان وخالد زارع، وبعد مسرح الإذاعة ظهر مسرح التلفزيون وكان ذلك بعد افتتاح محطة الإرسال التلفزيوني من الرياض بنحو سنتين، فقد سعى وراء إيجاد مسرح التلفزيون المخرج بشير مارديني الذي بدأ المسرح على غرار مسرح الإذاعة السابق، الذي يقدم أنواعاً من المشاهد والتمثيليات. دراما وترويح وظهرت أولى بوادر التجربة المسرحية السعودية، حين أسس أحمد السباعي مسرح قريش في مكةالمكرمة، واختار مسرحية «صقر قريش» لتعرض في ليلة الافتتاح، وبالرغم من أن هذه التجربة تعرضت للإجهاض قبل أن ترى النور، فقد كانت أولى تباشير التشكيل المسرحي في المملكة، ولعلها كانت قادرة في حال نجاحها على صياغة شكل جاد وحقيقي لصورة المسرح السعودي الذي ظل منذ ذلك الوقت يتشكل بتجارب شخصية أو نخبوية، صاعدة أحياناً ومتعثرة في أكثر الأوقات، وكانت هذه البداية كمرحلة أولى امتدت حتى عام 1373ه، ومر المسرح السعودي بمرحلة أخرى منذ عام 1384ه حتى 1391ه وهي الفترة التي شهدت مسرحيات للكبار والصغار وكانت تركز على الدروس الاجتماعية ذات التراكيب الدرامية الترويحية مثل مسرحيات «الغواص»، و»لك يوم يا ظالم»، و»حرام حرام»، وكانت تقدم عن طريق المدارس والأندية، وتمتاز هذه الفترة ببروز مسرحيات من تأليف الكتاب السعوديين، أمّا المرحلة الثالثة فتمتد من عام 1392ه وحتى اليوم، وقد بدأت باحتفالات الأندية الرياضية والمدارس على مستوى مناطق المملكة واختيار المسرحيات الناجحة ودمج بعضها للدخول في مسابقات الفنون المسرحية، وتميزت بتركيز شديد من الأندية والمدارس على مسرح الطفل والشباب، وقد برز من كتاب تلك الفترة: عبدالله حسن ومحمد الحمد وإبراهيم خميس وعبدالرحمن المريخي ومحمد رجب وناصر المبارك وعلي المصطفى، وظلت المدارس والأندية تمثل الانطلاقة الأولى للمسرح، واعتبر التمثيل وبعده الفنون الإبداعية المتعلقة به كالتأليف والإخراج إحدى أدوات الأنشطة الطلابية أو أنشطة الفرق الفنية التابعة للأندية، وفي عام 1400ه برزت الجمعية العربية للثقافة والفنون وعرضت مسرحية «بيت من ليف» لناصر المبارك، و»الحل المفقود» لعبدالرحمن المريخي في المنطقة الشرقية، ومسرحية «كان هنا بيتنا» لمحمد خضر، و»حضارة الإسلام» لمحمد سليمان الشايقي، و»من يكمل الثاني» لمحمد عريف في المنطقة الغربية. اجتهادات كبيرة وتعتبر الرئاسة العامة لرعاية الشباب -وزارة الرياضة حالياً- صاحبة الفضل الأول في الحركة المسرحية السعودية الحديثة ولها اجتهادات كبيرة ومقدرة بإيجاد قسم خاص من خلال إدارة الشؤون الثقافية أو من خلال الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، حيث قدمت منذ إنشائها عام 1393ه باهتمام خاص من الأمير الراحل فيصل بن فهد -رحمه الله- العديد من المسرحيات الجماهيرية، وكان الأمير يهدف من وراء ذلك إلى إعطاء الشباب في المملكة الفرصة لإبراز مواهبهم في شتى المجالات الثقافية، ومنها المسرح، فقد كثرت في عهده المسابقات المسرحية على مستوى الأندية والجمعيات الثقافية التي أعطت بُعداً في إيجاد مسرح سعودي له هويته بتشجيع المواهب وتحفيزها إضافة إلى حث الأدباء والمبدعين على التأليف للمسرح، كما لا يغفل دور الجامعات السعودية فقد اعتنت بهذا المرفق التهذيبي التعليمي الأدبي، فكان لكل جامعة مسعاها الخاص في إيجاد مسرح له اتجاهات محددة، فاهتمت جامعة الملك سعود في الرياض بتقديم المسرح المتنوع الذي يقدم الواقعية والرمزية وباقي المدارس الفنية وكذلك محاولات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في بلورة وظهور المسرح الإسلامي، وهكذا الحال مع الجامعات الأخرى مثل جامعة الملك عبدالعزيز في جدة وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ويزخر المسرح السعودي حالياً بالعديد من العناصر الفنية التي أصبح لها وجودها وفعاليتها. حضور قوي ويشهد المسرح في بلادنا في هذه الأيام اهتماماً بالغاً وحضوراً قوياً في الفعاليات الترفيهية، حيث بلغ عدد المسرحيات التي أقيمت على مسارح السعودية في مختلف مناطق المملكة في العام 2018م 273 مسرحية بحسب الإحصائية التي قدمتها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وفي ذلك دليل على مدى الاهتمام بالمسرح الذي كان له الدور الفعال في اكتشاف المواهب وبروز العديد من الممثلين على المستوى المحلي والعربي، ومع انطلاقة موسم الرياض عاشت العاصمة عرساً ثقافياً وابتهجت المسارح وصالات السينما والتي حفلت بالحضور من الجنسين، إذ أسدل الستار عن مسرحيات متنوعة بقوالب كوميدية ودرامية شارك فيها ممثلون وفنانون سعوديون وخليجيون ومن دول عربية، مما جعل المسرح السعودي يعود لتوهجه مجدداً مع موسم الرياض، من خلال مسرحية «الذيب في القليب»، ومسرحية «وش أخبارك»، والتي يشارك فيها نخبة من نجوم الكوميديا السعودية، كما كان لزوار الموسم موعد مع المسرحيات الخليجية والعربية، والتي من أبرزها «أيام في الساحل»، و»الملك لير»، و»علاء الدين والعفاريت»، و»ليالي المحروسة»، و»ليلة زفته»، و»جريمة في المعادي»، و»سوبر ماركت»، و»بخصوص بعض الناس»، وغيرها، كما شهدت العروض المسرحية المباشرة المقامة في البوليفارد على مسرح بكر الشدي، ومسرح محمد العلي حضوراً كبيراً فاق التوقعات. كان لوزارة المعارف دور بارز في إيجاد المسرح في المدارس الجامعات صقلت المواهب وأظهرت الممثلين البارزين المسرحيات مصدر جذب للجمهور يحقق المسرح في وقتنا الحاضر حضوراً قوياً في المهرجانات الترفيهية جانب من جمهور لمسرحية بنادي كميت في التسعينات الهجرية