تفخر بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية أنها لم تأتِ من فراغ، وهذه هي مكانة بلادنا، حيث كانت مسيرة كفاح وتضحية، واجهت خلالها تحديات صعبة ومستحيلة، وتدخلات قوى خارجية، حتى رجعت من جديد لتؤسس أعظم وحدة جمعت أبناء شبه جزيرة العرب على مر التاريخ. فبلادنا لا تعتبر دولة طارئة على تاريخ البشرية، بل تعد من أقوى قصص التوحيد في هذا العصر، فمملكتنا قد أسست منذ نحو ثلاثة قرون، ولا تزال مضرب الأمثال في التكاتف والتعاضد ولله الحمد والمنة بين الأسرة الحاكمة والشعب، الذين ساهموا كل مرة في عودتها واستمرارها، وهي اليوم -ولله الحمد- في أوج نجاحها ورقيها وازدهارها. لقد تأسست بلدة "الدرعية" أواسط منطقة نجد، على يدي الجد الثاني عشر للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-؛ وهو الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 1446م، ثم في منتصف عام 1139ه أسس الإمام محمد بن سعود إمارة الدرعية معلناً بداية الدولة السعودية الأولى حتى عام 1818م، معتمداً على القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم دستوراً للإمارة، مما ساهم بإرساء الأمن والاستقرار في معظم أرجاء شبه الجزيرة العربية، بعد قرون عديدة من الفرقة والتشتت والخوف، حتى سقوطها على يد الجيوش العثمانية. ثم لم تمضِ سوى سبع سنوات على انتهاء الدولة السعودية الأولى حتى تمكّن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1824م من استعادتها وتأسيس الدولة الثانية التي استمرت إلى عام 1891م. وبعد انتهاء الدولة السعودية الثانية بعشر سنوات عاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1902م إلى الرياض، ليوحد الدولة باسم المملكة العربية السعودية عام 1932م ثم حمل الراية من بعده أبناؤه الملوك -رحم الله من مات منهم- وأبقى لنا خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز، واستمروا في تعزيز وحدة المملكة وتماسكها ومسيرة تنميتها. ونظراً لرمزية تاريخ التأسيس الأول للدولة السعودية وتعزيزاً لعمق الهوية الوطنية أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمراً ملكياً والذي يعد بوابة لنا نحن السعوديين أن نفخر بمدى هذا العمق والتجربة القوية لبناء هذه الدولة التي هي مضرب مثل للإنسانية والاستقرار للمنطقة ولكل عمل خيري للعالم أجمع. وأنا أعتقد وجود دولة كمملكتنا بهذه الوحدة والقوة، ولكل نعم الله علينا إنها قوة للعالم أجمع ليسَ فقط للمملكة العربية السعودية ولله الحمد بتخصيص يوم ال22 من فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم (يوم التأسيس)، والذي اختير نظراً لأن شهر فبراير من العام 1727م يوافق منتصف عام 1139ه حينما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى فقد جاء في الأمر الملكي الكريم دلالة على قوة هذي الجذور وهذه التوجيه الكريم أتى للحفاظ على تاريخنا والاعتزاز بقيادتنا ومجتمعنا وآبائنا وأجددنا وأسلافنا وأننا كلنا يد واحده وقيمة واحدة لهذا الوطن وجعل يوم التأسيس يوم إجازة وطنية، مما يفسح المجال للتفاعل الشعبي والمشاركة للجميع. وقد تبين للجميع مدى الاهتمام الإعلامي بهذه المناسبة فستظهر الأعمال الفنية التي سوف تبث في هذه المناسبة، خاصة أنها المرة الأولى، وسوف يقوم أبناء وطننا الغالي كما هي عادتهم بالأداء الرائع والمميز، ما يزيد وهج وتألق هذه المناسبة ويؤكد أثرها الاتصالي داخل المملكة وخارجها. * عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية