قبل أيام اختتمت النسخة السادسة لمهرجان الحمضيات في محافظة الحريق بحضور أعداد كبيرة من الزوار من مختلف مناطق المملكة، ومن عدد من دول الخليج العربي. لقد أصبح هذا المهرجان الذي بدأت المحافظة في تنظيمه قبل ست سنوات علامة فارقة في المهرجانات الوطنية، وأيقونة للإنتاج الزراعي المحلي. ويعرض في المهرجان أنواع مختلفة من الحمضيات من البرتقال بأصنافه المتعددة، واليوسفي، والأترج الذي تشتهر به المحافظة، إضافة إلى الليمون والتين والفواكه الأخرى والتمر، وكذلك أنواع من شتلات الأشجار المثمرة. ومع كل سنة تزداد أعداد ضيوف المهرجان من عوائل المواطنين والمقيمين. وقد تنبه البعض لهذا الإقبال ووجد فيه فرصة فبدأ في تنظيم رحلات جماعية للمهرجان يتخللها زيارات لمعالم المحافظة والتعرف على بيئة محافظة الحريق المتميزة حيث يحيطها جبل طويق الشامخ الذي اتخذه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان شعاراً لرؤية المملكة 2030 برمزيته للهمة والعزم وصلابة الإرادة. ورغم تعدد المهرجانات الزراعية في مناطق المملكة، إلا أن لمهرجان الحمضيات في محافظة الحريق طابعه ونكهته الخاصة حيث يتفرد بالجانب الاجتماعي الإنساني. ففي حين يغلب على المهرجانات الأخرى التسوق ويصبح المهرجان مجرد سوق كبير يجذب المتسوقين لكثرة المعروض مع بعض الأنشطة الترفيهية، فإن مهرجان الحمضيات في الحريق يشهد تفاعلاً اجتماعياً كبيراً طوال أيام المهرجان بين الضيوف وأهالي المحافظة الذين يفتحون مزارعهم وبيوتهم ويتسابقون على استضافة الزائرين ببشاشة وابتسامات لا تغادر محياهم. وهنا لابد أن نشير إلى مزرعة خضراء التي ذاع صيتها في أرجاء المملكة حيث أصبحت زيارتها فعالية رئيسة من فعاليات المهرجان، وصارت وجهة لضيوفه تستقبلهم بالترحيب والابتهاج ليقضوا فيها أوقاتاً جميلة يتجولون بين أشجارها الوارفة ويستطعمون فاكهتها اللذيذة. ولاشك أن حفاوة أهالي المحافظة بضيوف المهرجان هي امتدادلشيم الكرم والجود التي عُرف السعوديون بها. والمهرجان الذي يلقى دعماً وتشجيعاً من سمو أمير الرياض ونائبه وتحت إشراف ومتابعة من سعادة المحافظ الأستاذ محمد بن ناصر الجرباء يعتمد بشكل تام على جهود وعطاء أبناء المحافظة. ولذلك وبعد أن أثبت المهرجان نجاحه واستمراريته، أجدها فرصة لدعوة معالي وزير البيئة والمياه والزراعة، وكذلك كبار مسؤولي الشركات الزراعية من منطلق المسؤولية الاجتماعية، وإيماناً بحرصهم على تشجيع المنتج الزراعي الوطني، واستثماراً للميزة النسبية للحريق بعذوبة مائه وخصوبة تربته وقربه من العاصمة، للمساهمة في دعم المهرجان ومشاركة الأهالي في تطويره. والدعوة أيضاً موجهة لوزارة السياحة لتبني المهرجان والمهرجانات المماثلة في إطار تشجيع السياحة الريفية التي أصبحت رائجة حول العالم. ولعلي أختم هذه الأسطر بقصة يتداولها أهالي الحريق حيث استقبل قصر الملك فيصل رحمه الله في بداية التسعينيات الهجرية سيارة محملة بالحمضيات والفواكه المتنوعة، فأبلغ حراس القصر الملك بأمر السيارة فأمرهم بالسماح بدخولها، والتقى صاحبها الشيخ رشيد بن عبدالرحمن الخثلان رحمه الله وسأله الملك متعجباً عن هذه الفواكه فأخبره بأنها من منتجات الحريق، وأن هناك الكثير منها، ولكن حال دون وصولها أسواق الرياض عدم سفلتة الطريق، فأمر رحمه الله بسفلتته. إن مهرجان الحمضيات في الحريق قصة نجاح ومثابرة نسجها أهالي الحريق وهم يستظلون بجبل طويق يستلهمون منه الهمة والفخر بهذا الوطن الرائع.