كان 2021 عام التعافي والتأقلم مع الواقع، وأحدث تغييرات استثنائية في طريقة عيشنا وعملنا، وخلاله لعبت التقنيات دوراً محورياً على صعيد كافة المجالات من خلال مساعدة العالم على التواصل والتعاون، والقيام بعملية تحويل لأساسيات قطاعات الرعاية الصحية والتجارة والتعليم والخدمات المالية عبر مختلف جوانب الاقتصاد العالمي. وكنّا نتوقع أن بعض التقنيات الرئيسية مثل السحابة الهجينة والحوسبة الطرفية وشبكة الجيل الخامس وحلول العمل الذكية وتقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي ستشكل مستقبل الأعمال في عام 2021، حيث سعت الشركات جاهدة لرقمنة أعمالها، وأدى ذلك إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي وتوفير فرص مهمة وإحداث تغييرات جذرية في طريقة ممارسة هذه الشركات لأعمالها اليوم. ومع بداية عام 2022، نعيش اليوم اقتصاد عالمي مرن قائم على العمل من أي مكان ويعتمد على منظومة متنامية من البيانات، ويمثل تدفق البيانات هذا فرصاً وتحديات مهمة للسوق السعودية، حيث سيعتمد نجاح الأعمال فيها على الإمكانات اللازمة لتسخير هذه البيانات. وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الرقمي سيشكل 65% من إجمالي الناتج المحلي. دعونا نلقي نظرة على التغييرات التقنية التي ستحول الأعمال في المملكة. 1. الحوسبة الطرفية هي الأفق الجديدة. تسارعت وتيرة تقنيات الحوسبة الطرفية مع الزيادة الكبيرة في أجهزة إنترنت الأشياء وتضاعُف البيانات. في الواقع، تتزايد حالات استخدام إنترنت الأشياء في المملكة مع تطوير العديد من المشاريع الضخمة مثل المدن الذكية والنقل والطاقة والأمن وما إلى ذلك. ومع تسارع التحول الرقمي، فإن شركة "جارتنر" تتوقع أن يتم جمع ومعالجة حوالي 75% من بيانات الشركات خارج مركز البيانات المركزي التقليدي أو السحابة بحلول عام 2025، وذلك بسبب الحجم الهائل للبيانات التي تم الحصول عليها بواسطة الآلات والأشخاص والطلب المتزايد على الوصول الفوري إليها. ومع زيادة قدرة العالم على الحركة والدور الكبير والمتنامي لإنترنت الأشياء فإن الحوسبة الطرفية هي التقنية التي ستجد فيها الشركات فرصة أكبر لتحقيق قيمة أفضل. 2. البيانات هي وقود الاقتصاد الرقمي. في عصر البيانات الجديد، لم تعد رقمنة الأعمال صفة مميزة. وتبشر التقنيات الناشئة بعصر جديد من الابتكار مدعومة بالنمو المتزايد للبيانات، حيث يتم تحديد القدرة التنافسية للشركة من خلال سرعة تحويل البيانات إلى معلومات هادفة تعود بنتائج قيّمة وجديدة، ويعتمد تقدّم الشركات اليوم على قدرتها على استخلاص البيانات بكفاءة وتخزينها وإدارتها بشكل صحيح، مما يساعدها في الحصول غلى تحليل البيانات والوقت الكافي للتركيز على إنشاء قيمة جديدة منها باستخدام التكنولوجيا. بالإضافة إلى ذلك، ستتجه المزيد من الشركات إلى تبني ثقافة استخدام البيانات والاستثمار في التقنيات للأتمتة والتوسع مع استمرار تزايد حجم البيانات وتنوعها وسرعتها، وحددت إستراتيجية الحكومة الذكية (2020-2024) زيادة استخدام البيانات الضخمة والتحليلات كأحد محركات التقنية. لذلك يجب على الشركات اليوم أن تعيد التفكير في استراتيجيات إدارة بياناتها لتحقيق الريادة في عصر البيانات. 3. قطاع الأمن والسلامة الرقمية يتجه نحو الأتمتة. تواجه الشركات والحكومات الإقليمية تهديدات إلكترونية متطورة وذات تأثير أكبر على الإيرادات والخدمات، وأظهر المؤشر العالمي لحماية البيانات 2021 من دِل تكنولوجيز أن 82٪ من الشركات على مستوى العالم تشعر بالقلق من أن الحلول الحالية لحماية البيانات قد لا تكون قادرة على التصدي لجميع التحديات المستقبلية، بينما أقرّ 74% منهم بتعرضّهم المتزايد لفقدان البيانات مع تزايد أعداد الموظفين الذين يعملون من المنزل. وفي المملكة العربية السعودية، يرى 84٪ من المتخصصين في الأمن الإلكتروني أن الهجمات زادت بسبب عمل الموظفين عن بُعد وفقاً لتقرير في إم وير. ولذلك، فإن قطاع الأمن في المملكة يساعد الشركات على تحديث وأتمتة استراتيجيات استمرارية أعمالهم، بدءاً من الاكتشاف الآلي إلى التصدي والاستجابة، مع التركيز على تطبيق الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتسريع التعافي. وفيما بعد عام 2022، ستبرز تقنيات الحوسبة الكمية والتنقل الذكي والتوائم الرقمية من بين أفضل التقنيات التي ستحدد آلية عمل الشركات. فتعتمد هذه التوقعات قصيرة وطويلة المدى على الخطوات التي نتبعها اليوم، وكوني متفائلاً بقطاع التقنيات فأنا أرى عالماً يعمل فيه البشر والتقنيات معاً لتقديم نتائج قيمة بسرعة غير مسبوقة، ومن الممكن جداً أن يحدد عام 2022 مستقبلنا الرقمي مدفوعاً بالسعي نحو الهدف وعبر التركيز على تسخير التقنيات لدفع عملية التطور. بقلم: محمد أمين، النائب الأول للرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وروسيا وإفريقيا وتركيا في دِل تكنولوجيز