عادة لا أفضل أن أكتب في مجالات خارج المجال العلمي أو الإداري؛ ولكن في هذه المرة أحببت أن أكتب عن ظاهرة انتشرت في الخمس سنوات الأخيرة وهي ظاهرة بروز توافه المشاهير القاصرين فكريًّا في مجتمعنا، جُلهم يشتركون في سمة واحدة وهي صناعة التفاهة والسخرية والترويج لها وليس لهدف نشر المفيد أو تحسين مستقبل المجتمع؛ ومع الأسف الشديد فقد أتاحت الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المختلفة لعدد منهم أن يصبحوا مشاهير في الإطار المحلي وعلى المستوى الدولي، الأمر الذي أدى إلى اهتمام رجال الأعمال بهم بهدف الدعاية لمنتجاتهم. إنّ وصف (الرويبضة) هو أقل ما أصف به هؤلاء التوافه (كما وصفهم المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه)؛ فهم لا يقدِّمون أي شيء مفيد للمجتمع. ويبقى السؤال: من المسؤول؟! في الحقيقة كلنا مسؤولون؛ فلولا تناقل الناس لمقاطعهم لما اشتهروا وأصبحوا مؤثرين في المجتمع، ولما انتشرت مقاطعهم السخيفة والهزلية وتحركاتهم الشخصية مستعرضين فيها مظاهر البذخ والقدرة على الشراء غير المنضبط. والأمر المقلق أن ظاهرة انشغال الناس بتوافه المشاهير تؤدي إلى عواقب وخيمة لا تحمد عقباها قد تعمل على تغيير في سلوكيات وثقافة مجتمعاتنا المحافِظة، وتمثِّلُ ضغطًا على الآباء من رفع معدلات الاستهلاك وامتلاك الكماليات والأمور الأخرى غير الضرورية، لقد حان الوقت لأن نعمل معًا على التوقف عن جعل هؤلاء يرقون في المجتمع، وأن لا نجعل هؤلاء التوافه يحدّدون علاقاتنا مع الأقارب أو الأصدقاء، بل أرى وجوب مقاطعتهم؛ فهم جريمة بحق الأجيال المقبلة والناشئة لأنهم يعملون على انحدار المجتمع نحو قضايا ثانوية هامشية غير مفيدة، وتسطيح الثقافة، وتلاشي القيم والأخلاق، وبالنهاية جيل بأكمله قد يضيع. بالطبع لا يمكننا التعميم بأن جميع المشاهير سيئون؛ بل لا بد أن نميز بين الصالح والطالح، وأن نكون منصفين في التفرقة بينهم، وألا يكون حكمنا عامًا، ينبغي على من سخَّر الله لهم الآلاف أو الملايين من المتابعين أن يكونوا خير قدوة للناس، وأن يكون لهم دور مجتمعي فعّال في تنمية المجتمع وصناعة رأس المال البشري، وتقديم النصائح والقصص والتجارب المفيدة. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه. * باحث ومهتم في علوم الإدارة الهندسية