أبدى عدد من المختصين في تخطيط المدن والتخطيط الحضري المستدام أهمية الاستفادة من الفرص التي يطرحها القطاع العام للاستثمار وتفعيل مشاركة القطاع الأهلي غير الربحي في تنمية مواردها وتحسين أدائها المجتمعي وتعزيز التفاعل المهني. وفي هذا السياق، طرحت أمانة منطقة الرياض فرصاً جديدة تعزز من انتشار حدائق نوعية في الأحياء السكنية في العاصمة عبر شراكة فاعلة مع القطاع الخاص، تساهم في زيادة المساحات الخضراء، وتقدم خدمات فريدة تنسجم مع مستهدفات مدينة الرياض، يفاقم الانتشار الأفقي السريع أو ما يسمى بظاهرة الزحف والتمدد العمراني في مدن المملكة التحديات المتعلقة بتوفير المرافق والخدمات العامة في الأحياء الجديدة، حيث يقتضي الأمر حجماً كبيراً من الاستثمارات والكوادر لإنشاء شبكات البنية التحتية والمرافق العامة بجودة عالية لكافة سكان المدينة. وأكد ل"الرياض" م. عبدالرحمن الصايل -باحث دكتوراه في هولندا تخصص تخطيط المدن- أن الأماكن العامة، ليست فقط بمثابة مكان للتفاعل الاجتماعي، والترفيه، والتسلية، والأنشطة الرياضية، ولكن يمكن أن يستفاد منها أيضا كنواة اقتصادية، وكنظام بيئي يساعد على تنظيم الديناميكيات المستدامة والتدوير البيئي. ووفقاً للأجندة الحضرية الجديدة، فإن أحد العناصر الرئيسة التي تساعد على تحقيق العدالة في المدينة، والتوزيع الأفضل للأنشطة الاجتماعية هي الأماكن العامة: فالمدينة ذات المستوى الضعيف في المساحات الخضراء هي أيضاً مدينة ذات إنصاف اجتماعي ضعيف. وعن الاستفادة من الفرص التي يطرحها القطاع العام للاستثمار، أوضح المهندس الصايل أن توافر أطر التمويل والشراكة الملائمة والمتكاملة مع القطاع الخاص والقطاع الثالث والمراعية للسياق المحلي مطلب أساس لتحسين فعالية المدن وبناء قدراتها لتؤدي وظائفها، بما في ذلك تحقيق أفضل النظم الإدارية وأنسب مستويات الحوكمة لتنفيذ سياسات التحول الحضري وتحقيق التنمية المستدامة، حيث يعد التمويل والشراكة من الأمور الضرورية لتلبية الاحتياجات من الخدمات والمرافق العامة، وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحقيق الازدهار العام، وتقليص مستويات التباين والتهميش. واستشهد م. الصايل بأمثلة عالمية مبتكرة في التمويل البلدي والمشاركة المجتمعية، مثل تجربة مدينة هلسنكي في فنلندا عبر تخصيص تسع حدائق لجمعيات تعاونية متخصصة في الزراعة الحضرية وأعمال البستنة. تقوم من خلالها تلك الجمعيات بتشغيل الحديقة بالاستعانة بالخبراء المتطوعين كما تخصص مساحة لأعمال الزراعة الحضرية وعرض المنتجات الزراعية في البازار المقام في الحديقة، وتستفيد الجمعية من إيرادات الأنشطة الزراعية والمانحين في تشغيل الحديقة وصيانتها دون الاعتماد على إدارة المدينة، هذا النموذج من الشراكة يزيد من شعور الانتماء للساكن المحلي نحو مرافق المدينة ناهيك عن كونه رافداً مهماً لتعزيز التنمية المحلية الاقتصادية. من جانبه، أشار م. مشاري الجويرة -الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإسكان التنموي الأهلية "سكن" والمختص بالسياسات العامة وإدارة المنظمات غير الربحية- إلى أن المجتمع يمتلك موارد هائلة وإمكانات رائعة يمكن أن توجّه لخدمة المجتمع وحل المشكلات التي يعاني منها في مجالات كثيرة، ومن أهمها المشكلات والتحديات البلدية والعمرانية، ولكي يتمكن المجتمع من المساهمة في مواجهة هذه التحديات فلا بد أن تتوفر البيئة المشجعة والفرص المناسبة والمتنوعة القادرة على جذب اهتمام وموارد وإمكانات المجتمع، إشراك مكونات المجتمع في الشأن البلدي مهم جداً، مشدداً إلى أنه من دون إدماجه، ستواجه المدن أخطاراً عديدة، منها زيادة فجوة التباين، وعدم القدرة على توفير الخدمات، ونقص الصيانة، وقصور في المرافق والخدمات العامة في ظل تنامي ظاهرة الزحف العمراني. ولفت م. الجويرة أنه في ظل حراك المملكة في مشروعها الاستراتيجي للسعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر للحفاظ على البيئة والتغيير المناخي الذي من المهم أن يساهم فيه الجميع ومن منطلق مفهوم المشاركة المجتمعية في أهداف التنمية المستدامة ولتحقيق رؤية المملكة في قيم المسؤولية المجتمعية بأن المواطن مسؤول، لذا من المهم صناعة نماذج للشراكة المجتمعية في القطاع البلدي كما تم في مجال الصحة والإسكان، وأيضاً في سياق تمكين القطاع غير الربحي من تحقيق أثر أعمق في المجالات التنموية على سبيل المثال لا الحصر الحدائق، وكيف بالإمكان وخاصة أن نظام المشتريات الحكومية يسمح للتعاقد والإسناد المباشر بين القطاع العام (الحكومي) ومنظمات القطاع غير الربحي، وأيضاً في الاستفادة من برنامج التخصيص ومركز التخصيص أن يتم التنويع في التخصيص أو الإسناد ليست حكراً على القطاع الخاص فقط، بعض الملفات تحتاج لها منظمات مجتمعية غير ربحية تفعلها وتديرها ومنها صنعنا نموذجاً من نماذج مشاركة المجتمع في إدارة المدينة عن طريق الأحياء وخاصة أن نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية يحفز الأهلي من تأسيس جمعيات أهلية لصناعة صور تكافل اجتماعي نابع من الاحتياجات التنموية وهذه بداية المشاركة المجتمعية في القطاع البلدي. م. عبدالرحمن الصايل