أفاد تقرير سوداني الاثنين باسترداد أجهزة مسروقة من المقر السابق لبعثة ال(يوناميد) في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور. وذكرت صحيفة «الانتباهة» السودانية أن القوة المشتركة ذات المهام الخاصة في دارفور، تمكنت من ضبط سيارة خاصة من دون لوحات مرورية، وعلى متنها عدد من الأجهزة تمت سرقتها من المقر من بينها ثماني ثلاجات وأجهزة حاسوب، بالإضافة إلى متعلقات أخرى يجري حصرها. ووفق الصحيفة، كانت لجنة أمن الولاية أصدرت مؤخرا وعقب وقوع حادثتي نهب المقر السابق لبعثة اليوناميد ومخازن برنامج الأغذية العالمي بالفاشر، عددا من القرارات قضت بإعلان حظر التجوال الليلي بمدينة الفاشر، وإطلاق يد القوات لملاحقة اللصوص والمتفلتين وفق قانون الطوارئ. وكانت وزارة الخارجية السودانية دانت يوم الجمعة الماضي بأشد العبارات عمليات النهب والاعتداء في الفاشر. وأكدت الالتزام التام لحكومة جمهورية السودان بالتعاون اللصيق مع برنامج الأغذية العالمي، وكافة منظومة الأممالمتحدة العاملة بالسودان من أجل الحفاظ على مقارها وممتلكاتها وحماية العاملين بها ومساعدتهم على أداء مهامهم على الوجه الأكمل. بدورها، حثت الولاياتالمتحدة زعماء السودان على ضمان استمرار الحكم المدني وإنهاء العنف ضد المحتجين بعد استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ما أدى إلى تفاقم الغموض الذي يكتنف العملية الانتقالية صوب الانتخابات. وقال مكتب الشؤون الإفريقية بوزارة الخارجية الأميركية: «بعد استقالة رئيس الوزراء حمدوك، يتعين على الزعماء السودانيين تنحية الخلافات جانبا والتوصل إلى توافق وضمان استمرار الحكم المدني». وأعلن حمدوك استقالته يوم الأحد بعد أن عجز عن التوصل إلى توافق لدفع المرحلة الانتقالية إلى الأمام. ودعا إلى إجراء حوار للتوصل إلى اتفاق جديد للمرحلة الانتقالية. ووصف جبريل إبراهيم، زعيم المتمردين السابق الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة حمدوك لكنه أبدى دعمه للجيش قبل الانقلاب، استقالة رئيس الوزراء بأنها مؤسفة. وكتب إبراهيم على تويتر: «دعونا نحيل هذه المحنة إلى منة وفرصة للم الشمل والعبور بالوطن إلى بر الأمان. مسؤولية القوى السياسية اليوم وحاجتها إلى الوقوف مع النفس ومراجعة المواقف أكبر من أي وقت مضى». وقالت وزارة الخارجية الأميركية: إن أي تعيينات جديدة يجب أن تلتزم بقواعد اتفاق تقاسم السلطة المبرم عام 2019. وأضافت في بيان أنه ينبغي تعيين رئيس الوزراء الجديد والحكومة السودانية المقبلة بما يتوافق مع الإعلان الدستوري من أجل تحقيق أهداف الشعب في الحرية والسلام والعدالة. ويجب وقف العنف ضد المتظاهرين. عبدالله حمدوك سُمّي حمدوك رئيسا للحكومة في أغسطس 2019 إثر اتفاق على تقاسم السلطة بين الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى سقوط عمر البشير بعد ثلاثين عاما من حكم السودان. وجسد يومها الأمل بنقل السلطة إلى المدنيين. وعمل حمدوك الذي يبلغ الخامسة والستين في منظمات دولية وإقليمية، لا سيما كمساعد الأمين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة في أديس أبابا. إلا أن حمدوك عرف نكسة أولى في 25 أكتوبر مع الانقلاب الذي شهده السودان، عندما حضر جنود إلى منزله واقتادوه إلى الفريق أول عبدالفتاح البرهان. من رهينة إلى خائن ووضع حمدوك يومها قيد الإقامة الجبرية وهو قرار شمل السواد الأعظم من المسؤولين المدنيين في السلطة الانتقالية التي كان من المفترض أن تتولى الحكم حتى تنظيم انتخابات عام 2023. وكان عشية ذلك ظهر إلى جانب المبعوث الأميركي إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان في الخرطوم، مشددا على ضرورة استكمال العملية الانتقالية نحو حكم مدني في البلاد التي حكمها عسكريون بشكل شبه متواصل منذ استقلالها في 1956. بعد شهر على ذلك في 21 نوفمبر، خرج رئيس الوزراء الذي وصل إلى الحكم بفضل دعم مؤيدي تسليم الحكم إلى المدنيين، من الإقامة الجبرية واستعاد منصبه بموجب اتفاق أبرمه مع عبدالفتاح البرهان. واستحال بالنسبة للمتظاهرين في الشوارع الذين كانوا يعتبرونه رهينة، بعد هذا الاتفاق خائنا لأنه بتحالفه مع الجيش يسهل عودة النظام السابق. في المقابل، أكد حمدوك أنه أراد حقن دماء السودانيين بسبب القمع الذي أودى بحياة 56 شخصا منذ الانقلاب، وعدم تبديد مكتسبات الثورة. لكن في 19 ديسمبر في الذكرى الأولى لانطلاق الثورة أكد حمدوك نواجه اليوم تراجعا كبيرا في مسيرة ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تبقي لنا وطنا ولا ثورة، منددا بالعنف والتعطيل السياسي. والأحد أعلن حمدوك في خطاب إلى الأمة نقله التلفزيون تنحيه عن منصبه. مشددا على أن بلاده تشهد منعطفا خطيرا قد يهدد بقاءها. سلام وحوكمة وصل إلى الخرطوم في أغسطس 2019 آتيا من أديس أبابا، بعد ثورة لم يشارك فيها على الأرض، لكنه تبنى أهدافها. وتسلّم حكومة مكلفة إقامة مؤسسات ديموقراطية في البلاد، بينها برلمان لم ير النور، واقتراح حل اقتصادي قادر على وقف التضخم المتسارع والفقر المزمن. ونجح الاقتصادي المتمرس في المؤسسات الدولية في الحصول من صندوق النقد الدولي على محو لديون السودان الضخمة في مقابل تطبيق سياسة تقشف كلفته خسارة جزء كبير من شعبيته. ولم يساعد هذه الشعبية واقع أن السلطات الانتقالية لم تحاكم بعد المسؤولين في عهد البشير وأولئك الذين قمعوا انتفاضة 2019 بالدم. ونجحت حكومته في توقيع اتفاق سلام مع مجموعات متمردة كانت لا تزال تحمل السلاح في مواجهة القوات الحكومية في أكتوبر 2020، بينما وافقت واشنطن على شطب اسم السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب قبل أن وافقت الخرطوم على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وشارك حمدوك في الماضي في مبادرات سلام إفريقية للتوسط في نزاعات في دارفور وكردفان والنيل الأزرق. وعمل في البنك الإفريقي للتنمية، وهو معروف بوضع سياسات تحفز النمو الاقتصادي في إثيوبيا في ظل حكومة ميليس زيناوي. لدى تسلمه الحكم، وعد السودانيين بالعمل على إيجاد سياسات جيدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية. وكان حمدوك يتمتع بصورة رجل يلتزم بالشفافية وحسن الإدارة، لا سيما منذ رفض في 2018 منصب وزير المال الذي عرضه عليه البشير. لكن سياسة التقشف في بلد يفتقر إلى بنى تحتية أساسية، زادت الغضب الشعبي وفاقمت الفقر مع تضخم نسبته 300 %.