في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين امتدت يد التطوير في المملكة العربية السعودية - ولا زالت تمتد - إلى كل شيء؛ السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها. والبنية التحتية وما يرتبط بها من الطرق وأنظمة المرور نالت حظها الوافر من المشاريع التنموية المتطورة. ومن أبرز ما يلفت العين ويعجبها؛ تلك التصاميم الجديدة للشوارع؛ بتخطيطها الذكي وتقاطعاتها المُبتكرة التي شتتت زحام المركبات الكثيف، وأعادت لحركة المرور المرونة والانسياب. ولأن الأرصفة جزء لا ينفك عن الشوارع؛ فقد حظيت بنصيبها من التجديد والتحديث حيث تمت زيادة مساحاتها بشكل لافت، وأصبح التجول والمشي فيها ممتعاً وسهلاً. بداية الرصيف ونهايته أصبحتا مُنخفضتين إلى مستوى الشارع لتناسب عربات الأطفال وعربات ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن. البلاط المُدَبّبّ الذي يمتد من بداية الرصيف إلى نهايته سهّل على المكفوفين استشعار الطريق وأشعرهم بالأمان عند المشي. أما هواة التجول بالدراجة الهوائية -وأنا منهم - فقد استطاعوا ركوب دراجاتهم فوق هذه الأرصفة العريضة براحة وأمان؛ بعد أن كانوا يزاحمون السيارات في الشوارع ويعرضون حياتهم للخطر. وهذا التجديد الشامل في تصاميم الأرصفة شجعني - شخصياً - على الاستمرار في ركوب الدراجة ليس للرياضة فقط؛ بل أصبحت أستخدمها بديلاً اقتصادياً سهلاً للسيارة؛ لقضاء احتياجات البيت والأسرة من الدكاكين القريبة في الحي الذي أسكنه وفي الأحياء المجاورة أيضاً، تاركاً سيارتي الشرِهة في استهلاك الوقود ترتاح أمام البيت. ولأن الحديث عن الدراجات الهوائية لا يقل مُتعة وفائدة عن ركوبها، فإن من المهم التذكير أن الدراجة الهوائية تعد ضمن أهم عشر اختراعات في التاريخ. وهي كغيرها من الاختراعات البشرية المهمة؛ تطورت صناعتها وتحسن أداؤها عبر عشرات السنين وتعددت أنواعها وأشكالها حتى استطاعت تلبية حاجات المستخدمين كافة. واستمر التطوير في صناعة الدراجات الهوائية حتى وصلت إلى ما نراه من تقدم زيادة في سرعاتها وخفة متناهية في أوزانها مما أهّلها لتكون وسيلة نقل اقتصادية رشيقة وآمنة تنافس السيارات في كثيرٍ من دول العالم. ولئن كان الاهتمام العالمي في الآونة الأخيرة يتجه نحو المحافظة على البيئة من الانبعاثات الملوِّثة، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة؛ فإن الدراجة الهوائية تعتبر في هذه المرحلة الخيار المناسب، والرهان الكاسب. لذا؛ فإن الجهات المسؤولة المهتمة بالشأن البيئي والاقتصادي والصحي في المملكة حريٌّ بها أن تأخذ زمام المبادرة لتشجيع ركوب الدراجات وتوسيع نطاق استخدامها في التنقلات اليومية؛ وتهيئة مزيدٍ من الأرصفة والممرات التي تسهل حركة الدراجات وتدعم راكبيها. هذه المبادرة سوف تعزز الثقافة المرورية والصحية والرياضية لدى الناس، وسوف تساعد في ترشيد استهلاك الطاقة، والمحافظة على البيئة. إن الدراجة الهوائية في دول العالم كافة؛ تُعدُّ وسيلة مواصلاتٍ مُحَبّبة وذات جدوى، وتعتمد عليها الشعوب اعتماداً كبيراً في التنقلات اليومية. وفي دول أوروبا يمنح راكبو الدراجات الهوائية الأفضلية في المرور؛ تشجيعاً لهم ودعماً لوسيلة النقل الأرخص ثمناً في العالم والأكثر محافظة على نظافة البيئة وصحة الإنسان. أتمنى أن تصبح الدراجة وسيلة مواصلاتٍ مُعتبرة ينظر إليها بعين الاهتمام.