من قصة عربة شاي جمر "أبو وليد" في طريق الأمير تركي الأول بالرياض وتسجيله علامته التجارية، إلى مفاجأة أن 60 % من قيمة قهوة "ستاربكس" الشهيرة تعود لملكيتها الفكرية! استطاع الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية إيصال مبادئ وعوائد الملكية الفكرية لمشاهديه، عبر سرد قصصي مميز دون الحاجة لساعاتٍ من الشرح والتوضيح. رجعت إلى أكثر من لقاء تلفزيوني للدكتور عبدالعزيز السويلم، ووجدته مبدعاً في جذب الجمهور وإثارة فضوله، عبر رواية الأحداث وسردها قصصياً، مما ممكنه من تبسيط المفاهيم وإيصال رسائله بكل سلاسة وبساطة، وهو ما اشتهر به أيضاً "ستيف جوبز" الذي كان في كل مرة يعرض منتجاً جديداً كان يسرد بعض القصص المسليّة والمؤثرة، التي تعزز ارتباط عملائه بعلامته التجارية. نميل نحن البشر إلى تقبُّل الأفكار عبر الاستماع للقصص، فهي وسيلة تواصل فعال ثبت نجاحها في مختلف الثقافات والأمم، لأن السرد القصصي يثير استجابة ذهنيَّة مميزة لدى الملتقي، يقلص توتره ويفسح المجال لتركيزه، والأهم يعزّز بيئة الاتصال المرتبطة بحالة من التعاطف مع ما يطرح في القصة، مما يجعله اتصالاً فعالاً ومؤثراً. وهذا ما يميز اللقاءات التلفزيونية للدكتور السويلم، التي تعتمد على شرح المفهوم عبر القصص الواقعية، ومن خلالها يستطيع المتلقي فهم الموضوع وإدراك جوانبه. يقول الكاتب الأسترالي "ستيفن دينينغ" في كتابه "دليل القائد لرواية القصص": إن رواية القصص تُعتبرُ أسلوباً سلساً، وقويّاً، ومنطلقاً، وطبيعيّاً، ومنعشاً، ومحمساً، وتعاونيّاً، ومقنعاً، وشاملاً، وترفيهيّاً، وفوق ذلك فإنّها تُعبّر عن حالة أصيلة لتجسيد صورة التغيير المستقبلي الذي تسعى إليه"، وهو ما يؤكده المغامر ورائد الأعمال "ريتشارد برانسون" الذي يرى أنك "إذا كنت تريد أن تنجح كرائد أعمال، يجب أن تكون راوياً جيداً". ناهيك عن أن سرعة انتشار سرد القصص مقارنة بالنصوص الجافة أو حتى الأرقام والإحصاءات أعلى بكثير. بالتأكيد أضحت مهارة "سرد القصص" ضرورة ليس للقادة فقط بل لأي شخص يرغب أن يتواصل بشكل فعال، بأن يُمرر رسائله وأن يؤثر برؤيته، لابد من العمل الجاد على تطوير هذه المهارة والاعتناء بها، عبر القراءة والتدريب، وعبر تعميق الإصغاء لما حولك والتقاط القصص المناسبة لكل فئة، ثم بناء الحبكة والتعقيد، والخاتمة التي تحفز المستمع، والأهم ممارستها بشكل متواصل حتى تتحسن وتتطور. القائد المؤثر لا يكتفي برواية قصصه، أو قصص من داخل منظمته، بل يستخدم القصص العامة وروايات المجتمع، وهو ما يتميّز فيه أسلوب الدكتور السويلم، الذي دوماً ما يستشهد بقصص سعودية وأخرى عالمية، حتى يُلمّ المستمع بما يتحدث عنه ويدركه تماماً. نعم قد يرى الكثيرون أن رواية القصص وسردها مجرد أحاديث لتزجية الوقت والترفيه، ولكنهم يخسرون فرصة كبيرة لإيصال رسائلهم والتأثير في من حولهم، فلا تكن منهم.