أسمى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان هو التعرف على نفسه أولا قبل أن يتعرف على الآخرين من حوله، لأن معرفة الذات لم تكن إلا بداية موفقة نحو عقول واعية ومحررة من من تعاليم الأعراف والعادات غير الجيدة التي تراكمت وتأصلت في ذواتنا المقيدة مع مرور الزمن وتعاقب السنين والأجيال، وهي تلتمس في ذلك طريق الفضيلة وتعبر بنا من خلال أودية الجمال والخير والحق. أقول هذا الكلام على اعتبار أن الإنسان هو الواقع الاجتماعي في أصله والذي لا يمكن أن يكون واقعا صحيحا إلا حين يستحضر عقله الكامل والمدرك لحقيقته وأهميته وتأثيره، حين يتعرف عليه بشكل صحيح فيكون بذلك عاملا حيويا يبني ولا يهدم، لأن نفسه الأمارة بالخير حين يجدها ستكون مشعلا يضيء لمن حوله فيكشف حيثيات الأمور ويجردها كيفما بدت بدون تحيز أو تعصب، فهو يمضي على طبيعته وفطرته السوية في سبر الحقيقة والوجود من خلال نفسه وتصوره المطلق المتجدد إلى أن يصل في نهاية الأمر إلى معرفة حقيقته الكامنة في عقله وقلبه وجوارحه التي يتعامل بها في حياته ويسخرها في تعامله مع الواقع الذي يعيشه ويتعاطى معه بشكلٍ يومي. وهذه هي اليقظة الذاتية التي يفترض أن تأتي مبكرة حتى يكون هناك تنمية مستدامة للعقل والتفكير لنخلق قدرا كافيا من الوعي والابداع ضمن بيئة صالحة ومناسبة يمكن من خلالها قراءة خرائطنا قراءة ذاتية حرة والتعرف عليها ومن ثم الوصول إليها في أقصر وقت وأقل جهد ممكن يضمن الخروج من كل الأنماط والسياقات الثابتة، لأنه ليس هناك ثابت ولا مطلق وإنما هنالك عالم متكامل خلق نسبيا متجددا مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال.