تنظر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في امتداد لسياسة الإدارة السابقة إلى الصين باعتبارها مصدر تهديد رئيسي للهيمنة الأميركية، سواء من خلال تحركاتها المعلنة أو الأخرى غير المعلنة التي يستنبطها الباحثون والمحللون. لكن الباحث الأميركي جوردون تشانج، مؤلف كتاب "الانهيار القادم للصين" وهو زميل بارز لمعهد جيتستون، وعضو في مجلسه الاستشاري، يرى أن سياسة بايدن غير كافية لتلجيم طموحات الصين، ويضيف تشانج في تقرير نشره معهد جيتستون أن الرئيس جو بايدن "ابتسم بتكلف وانصرف" في 15 ديسمبر عندما أراد أحد الصحفيين أن يعرف لماذا لم يطلب من بكين "بذل المزيد من الجهد لتكون شفافة بشأن منشأ " كوفيد 19. وأضاف تشانج أن فيروس كورونا "الصيني" أودى بحياة أكثر من 806 آلاف و400 أميركي، وفقاً لبيانات جامعة جونز هوبكنز. وأوضح أن الصين كذبت بشأن قدرة كوفيد 19 على التسبب في العدوى، ثم ضغطت على دول أخرى، في الوقت الذي أغلقت فيه الصين، لنقل الوافدين من أراضيها من دون قيود أو حجر صحي. ويقول إنه "لذلك فإن انتشار المرض خارج الصين هو نتيجة حتمية للسياسات الصينية. وبعبارة أخرى، فإن قادة الصين قد قتلوا الآن عمدا أكثر من 5.3 ملايين شخص خارج بلادهم". ولم يثر الرئيس بايدن مسألة منشأ المرض خلال مكالمته الهاتفية التي استمرت ساعتين مع الرئيس الصيني شي جين بينج في فبراير. كما أنه لم يتحدث عن ذلك خلال "اجتماعهما الافتراضي"، الذي دام ثلاث ساعات ونصف الساعة في نوفمبر، ولا يبدو أن بايدن ناقش المسألة خلال مكالمة هاتفية استمرت 90 دقيقة في سبتمبر مع شي. وقال بايدن في بيان صدر في 27 أغسطس، وهو يصدر ملخصاً لنتائج أجهزة الاستخبارات الأميركية حول منشأ المرض: "إن العالم يستحق إجابات، ولن يهدأ لي بال حتى نحصل عليها". من الواضح أن الرئيس الأميركي يدرك أن الحزب الشيوعي الصيني يعد طرفاً سيئاً عندما يتعلق الأمر بفيروس كورونا. وقال أيضاً في 27 أغسطس: إن "المعلومات المهمة عن منشأ هذه الجائحة موجودة في الصين، ولكن منذ البداية، عمل المسؤولون الحكوميون في الصين على منع المحققين الدوليين وخبراء الصحة العامة العالميين من الوصول إليها". ومع ذلك، يرى تشانج أن بايدن غير مهتم على ما يبدو بالوصول إلى حقيقة الأمر. وقال: إنه "أصبح فطحل الكلام الفارغ" عندما يتعلق الأمر بالصين. ويتساءل قائلاً لماذا هذا الأمر؟ ويرد قائلاً: إن هناك روابط تجارية صينية مع عائلة بايدن ومع أعضاء إدارته، ومما لا شك فيه أنه يريد استيعاب المتبرعين لحملته الانتخابية الذين يرغبون في القيام بأعمال تجارية في الصين، ولكن الأمر الأساسي هنا هو أن الرئيس يتحدث كما لو أنه لم يتخل عن نظرته الحميدة ،التي تعود إلى عقود، لطبيعة الشيوعية الصينية. وفي مايو 2019، أعلن قائلاً: "إنهم ليسوا أناساً سيئين"، في إشارة إلى قادة الصين "الذين كانوا آنذاك منهمكين في ارتكاب الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وغيرها من الأعمال الهمجية". وفي الوقت نفسه، قال بايدن عن الصينيين: "إنهم ليسوا منافسين لنا". ويقول تشانج: إن بايدن في هذه الأيام ينظر إلى الصين باعتبارها مجرد "منافس"، وليس، على نحو أكثر ملاءمة، خصماً أو عدواً. وتفترض تسمية المنافس ضمناً أن الدولة الصينية تقبل نظام سيادة وستفاليا الدولي الحالي، الذي يعترف بسيادة الدول التي تتنافس في إطاره. لكن الصين، بحسب تشانج، لم تعد تقبل السيادة الأميركية أو سيادة أي مجتمع آخر. ويقول: إنه في كلمته التي ألقاها في أول يوليو، بمناسبة الذكرى المئوية للمنظمة الحاكمة في الصين، وعد الرئيس شي جين بينج في عبارة حظيت بتغطية إعلامية واسعة ب "كسر الجماجم وسفك الدماء"، ولكنه قال بكلمات أكثر تقشعر لها الأبدان: "إن الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني، بشجاعتهما ومثابرتهما، يعلنان للعالم رسمياً أن الشعب الصيني ليس جيداً في القضاء على العالم القديم فحسب، بل إنهما بارعين أيضاً في بناء عالم جديد". ويحلو لبايدن، على غرار العديد من الأميركيين، الاعتقاد أن التعايش مع النظام الصيني ممكن ومرغوب فيه في آن واحد، وهو يعاني من صعوبة في فهم قسوة النظام الصيني أو الطبيعة الشاملة لهجومه على النظام الدولي. فالحزب الشيوعي، من بين أمور أخرى، يحطم جيرانه، ويوزع أخطر الأسلحة في العالم، ويدعم الإرهابيين، ويسرق مئات المليارات من الدولارات من الملكية الفكرية سنوياً، وفقاً لما يقوله تشانج. ويضيف أنه علاوة على ذلك، يحاول الحزب تدمير أميركا. إن التنظيم الحاكم في الصين يدرك أن التأثير الملهم للقيم الأميركية يشكل تهديداً وجودياً لذرائعها الشمولية. إن ما لا يفهمه بايدن هو أن الشيوعية الصينية تخوض معركة حتى النهاية مع الولاياتالمتحدة، سواء كانت أميركا تعتقد ذلك أم لا. إن أميركا مجتمع أقوى بكثير من الصين، التي هي في الوقت الحالي هشة بشكل خاص بسبب أزمة ديونها، ولكن الحزب الشيوعي يستطيع تدمير الولاياتالمتحدة لمجرد أن بايدن لا يدافع عنها بشكل كاف من الهجمات الصينية الخبيثة، التي لا تلين ولا تهن. القوة لا تعني شيئاً إذا لم يكن لدى أميركا التصميم على الدفاع عن نفسها. ويقول تشانج: إن المرض القادم الذي ينشأ من الصين يمكن أن يكون قاتلاً للحضارة. ويعمل الجيش الصيني على الجيل القادم من مسببات الأمراض، وهو نوع جديد من الحرب البيولوجية. وبعبارة أخرى، يعمل الباحثون الصينيون على تطوير الفيروسات والميكروبات والجراثيم التي تجعل الشعب الصيني محصناً ولكنها تقتل ما سواه. وبالتالي، يحتاج العالم على وجه السرعة إلى ردع شي جين بينج عن نشر المرض التالي. إن فشل بايدن حتى الآن في محاسبة شي أعطى الصينيين ضوءاً أخضر كبيراً لشن هجمات قد تقتل الأميركيين بأعداد غير مسبوقة. ويختم تشانج بالقول: إن فشل بايدن في مواجهة الصين، يعني أنه مهمل في أداء واجبه الدستوري الأساسي وهو حماية الشعب الأميركي من الهجمات الأجنبية.