شهدت منطقة تحديد الدفاع الجوي في تايوان مؤخرا أكثر من 150 عملية اختراق من جانب الصين، استهدفت اختبار إمكانيات واستراتيجيات وتوقيت الرد من جانب تايوان، وغيرها من الإمكانيات العسكرية. فهل هذه مجرد مناورات حربية صينية أم أن الصين تقترب أكثر من غزو تايوان؟. ويقول السياسي الأميركي بيت هويكسترا، سفير الولاياتالمتحدة السابق لدى هولندا في إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي إن هذه بعض التساؤلات التي تواجه قادة الولاياتالمتحدة وغيرهم من قادة العالم في محاولتهم لتحديد خطط ونوايا الرئيس الصيني شي جين بينج والحزب الشيوعي الصيني. ويوضح هويكسترا، الذي كان رئيسا للجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي لفترة طويلة، أن تفهم" قصد القيادة" يعتبر من الأولويات الأساسية بالنسبة لجمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها. ومن الممكن افتراض أن أجهزة المخابرات الأميركية تفعل ذلك بالنسبة للصين، وأن الصينيين يفعلون نفس الشىء بالنسبة لأميركا. ويتساءل هويكسترا: "ما هي إذا علاقة ذلك بصحة الرئيس الأميركي جو بايدن ونوايا الصين الشيوعية فيما يتعلق بتايوان؟". إن الصينيين يجرون تقييمات جادة بالنسبة لما يمكنهم توقعه من الولاياتالمتحدة وإدارة بايدن، إذا ما قاموا بغزو تايوان. ما هي خطط ونوايا إدارة بايدن بالنسبة للصين والوقوف إلى جانب حكومة تايوان؟ كما أنهم يقيمون أيضا صحة بايدن وكيف يمكن أن تؤثر على رد أميركا وتوقيته، في حين قد لا يفكر كثير من الأميركيين في هذا الأمر. وأكد هويكسترا من واقع خبرته في لجنة المخابرات بمجلس النواب أنه يمكن القول إنهم كانوا يركزون فعلا على صحة وحالة قادة العالم الرئيسيين. وأنه بعد اجتماعه مع قادة أجانب كان يتم في الغالب سؤاله عن الأشياء التي ربما لاحظها بالنسبة لهم. وحدث ذلك بعد اجتماعه مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وكانت أجهزة المخابرات الأميركية مهتمة للغاية بتلقي أي معلومات خاصة عن الاثنين. وأشار هويكسترا إلى أن الشيوعيين الصينيين، وحتى حلفاء الولاياتالمتحدة وشركاءها في أنحاء العالم يجرون نفس هذه التقييمات بالنسبة لبايدن في الوقت الحالي، وأن مصادره الاستخباراتية في أوروبا توضح أن الكثير من أجهزة المخابرات الأوروبية تجري بنشاط تقييما حول ما إذا كان بايدن سوف ينهي فترة ولايته الأولى. ومن المرجح أن الصينيين أيضا يجرون تقييما مماثلا بشأن احتمال عدم قدرة بايدن على استكمال ولايته. وقال هويكسترا: "أعلم من واقع خبرتي مدى احتمال خطورة وخطأ تلك التقييمات". لكن الدول تجري هذه التقييمات لإعداد وتقدير استراتيجيات الطوارىء. وفي هذه الحالة، من المحتمل أن يكون الصينيون قد أجروا بالفعل تقديرا بشأن ما إذا كان الوقت سيكون مناسبا لغزو تايوان حال كانت أميركا تواجه تغييرا في القيادة غير مخطط له. ومهما كان هذا التقدير، سوف يستمر تقييمه واختباره على مدار الشهور المقبلة. ويقول هويكسترا إنه يتعين وضع ذلك في السياق الأوسع نطاقا لما تعرفه الولاياتالمتحدة، والصينيون بالفعل. فالولاياتالمتحدة بها رئيس ضعيف سياسيا تواصل نتائجه في استطلاعات الرأي تراجعها بشكل كبير، فهناك كارثة سياسة خارجية في أفغانستان، وإدارة أظهرت تفضيلا قويا للحوار بدلا من المواجهة، ودولة أظهرت قيادتها ضعفا في توجيه السياسة الخارجية. وقال هويكسترا إنه يضاف إلى ذلك ما تردد من أنباء عن أن رئيس الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلاي، ألمح في أحاديثه مع الشيوعيين الصينيين إلى أن الولاياتالمتحدة لن تتدخل عسكريا لمساعدة تايوان. والنتيجة هي أن تقييمهم قد يكون هو أن بايدن رئيس ضعيف وموقفه السياسي هش للغاية. وقد يكون جديرا بالذكر أن هذا تقييم يقره الكثيرون في الولاياتالمتحدة أيضا. ويوضح كل ذلك الخطورة الظاهرة في الموقف الحالي فيما يتعلق بتايوان، لذلك ينبغى ألا يكون هناك تعجب بالنسبة لموقف الصين القوي. فالشيوعيون الصينيون يريدون السيطرة على تايوان تماما، والتقييم الاستخباراتي الحالي الذي من المحتمل أن تعتمد عليه قيادة الصين يوضح أن هناك فرصة- رئيس أميركي ضعيف، يخشى الدخول في أي اشتباكات خارجية، وحظوظه السياسية تتراجع بشدة. ويرى الصينيون في تحليلهم أنه من الممكن في الحقيقة نقل السلطة إلى نائبة رئيس أضعف وأقل شعبية منه، هي كامالا هاريس التي تتمتع بخبرات سياسة خارجية ضئيلة. واختتم هويكسترا تقريره بالقول إنه من الحكمة أن يدرك الصينيون أن هذه التقييمات الاستخباراتية ليست دائما دقيقة. كما سيكون من الحكمة أيضا أن تتذكر إدارة بايدن أن بعض الدول تتصرف أحيانا على أساس معلومات استخباراتية خاطئة. وخلاصة القول هي أن العام المقبل سوف يكون فترة عالية الخطورة بين الصينوالولاياتالمتحدة؛ حيث من الممكن أن تكون هناك تقديرات خاطئة خطيرة. وذلك هو السبب في أن صحة بايدن مهمة بالنسبة لمستقبل تايوان، وهذا هو السبب أيضا في أنه يتعين على إدارة بايدن أن تبعث برسالة دعم واضحة لتايوان الآن.