نمو العقول مسؤولية شخصية وعملية إرادية إذا أردنا لها النمو نمت وارتقت، وإذا أردنا لها الجمود انتكست وهذا يدل على أنها اكتساب وليست موهبة ويتميز أصحاب العقول النامية بحب الحياة والعيش بالتفاؤل والنشاط وتقديس العمل والانغماس في التعلم الذاتي والتفكير الناقد الإيجابي، ويتميزون أيضًا بالإصرار والحزم والسرعة في استغلال الفرص المتاحة والسبق في المبادرات وتكون مبادرتهم استجابة وليس ردة فعل أيضًا يتميزون بتجاوز النفس والمؤثرات السلبية ويستطيعون تحويل هذه الموثرات السلبية إلى دوافع إيجابية ويبذلون مزيدا من الجهد والمثابرة وحب العطاء ومساعدة الآخرين في حل المشكلات التي تواجههم، أيضًا هم هادئون وغير مغرورين ولا يعتبرون أنفسهم أذكياء لكن لا يستطيعون أن يمروا مرور الكرام دون أن يشعر بهم أحد أو من دون أن يحدثوا تغييرا وهذا بسبب شغفهم بالتطوير فهم يريدون الارتقاء بالإنسان والمكان والزمان من خلال ابتكارات بسطية وغير مكلفة لكن لها نتائج عظيمة، وبما أنها تكتسب كما ذكرنا سابقًا تستطيع المنظمات أن تستثمر بهذه بالمجال وعلى كافة المستويات الوظيفية وبالطبع سوف يكون المستوى أعلا وأرقى وأفضل وأشمل والنتائج أكبر وأعظم عندما يكون مدعوما وموجها من المنظمة. فالمنظمة تعتبر كائنا حيا وتأخذ صفات من الإنسان فهناك المتعلمة والذكية وغيرها. فالمنظمات تنمو بنمو العقول التي تدار بها. فمن شروط تعظيم فوائد هذا الاستثمار أن يبدأ من داخل مجتمع المنظمة ومدعومًا من الإدارات العليا بها ونابع من عمق كل شخص له دور في المنظمة وأن يستشعر كل منهم أهميته. ويستند نجاح الاستثمار في النمو العقلي على ركيزتين أساسيتين الأولى السلوك السليم والأمن والصحي والثانية الاستمرار في التعلم مدى الحياة. فليس المقصود من التعلم الرجوع إلى زمن التعليم وقضاء وقت طويل ولو كان هكذا لا تقدم العالم ونحن ما زلنا نتعلم وليس المطلوب أن تقوم المنظمة بإرسل موظفيها دورات وتحمل التكاليف المالية لهذه الدورات فالأمور أبسط مما نتصور المطلوب فقط التركيز على المجال والدور ومعرفته والفهم العميق له والاستمرار بعملية تعلم المزيد عنه. كما يتطلب تحديد نقطة البداية حيث ننطلق من أرض صلبة ومبدأ واضح واتجاه محدد وبتفكير عالمي وهذا مجهز ومعد مسبقًا أيضًا. فلننطلق من الأهداف العالمية التي وضعتها الأممالمتحدة لتنمية المستدامة وركائزها الثلاثة البيئية والاقتصادية والاجتماعية ومن رؤية المملكة 2030 وركائزها (مجتمع حيوي اقتصاد مزدهر ووطن طموح) رؤية وقيم وسياسة المنظمة وأهدافها الاستراتيجية وصولًا إلى أهداف الموظف فكل ما في الأمر أن نقوم بفهم ذلك جيدًا وإسقاط هذه الأهداف على بعضها وتشكل جميع هذه الأهداف الخطوط العريضة لنقطة البداية والاتجاه. فلنسلك الطريق الذي لا يتوقف نحو التعلم والعطاء وتحسين السلوك ونمو العقول وازدهارها. ولتكن عدتنا وعتادنا نشر الثقافة والتوعية وإعداد البرامج وتبسيط المفاهيم وتوحيد المصطلحات وعمل إدارة أداء لعملية التعلم والسلوك ونركز في تقييم الأداء على العميل أو المستفيد على سبيل المثال محاضر في جامعة يقاس أداؤه بمستوى طلابه ومدى فهمهم وتأثيره الإيجابي عليهم ومدى استيعابهم وقدرتهم على تشكيل رؤية عامة عن أهداف وفوائد الصحة العامة والتعليم والاقتصاد والأعمال والنظام البيئي واحترام القوانين والحقوق والاقتناع بها وكيفية ترابط الأمور ببعضها وقدرتهم على تحديد هويتهم الشخصية وأهمية دورهم في المستقبل على جميع المستويات. ويربط هذا التقييم بالمسار الوظيفي للموظف والمكافآت والترقيات والعلاوات. فالعمل التقليدي والروتيني أوشك على الانتهاء فأصبحت الأهداف الشخصية مرتبطة بأهداف عالمية فالأعمال بحاجة حضور العقول وليس الأجساد ولن ترتقي منظمة من دون ارتقاء أعضائها والعكس صحيح فالعملية تكاملية وفي النهاية وأدعوكم للاطلاع على المعايير الوطنية للاستدامة. * معهد الإدارة العامة