أروع ما في رؤية المملكة 2030 أنها جعلت الجهات الحكومية تسابق الزمن لتحقيق المستهدفات، والأروع أن كثيراً منها استطاع تحقيق قدرٍ من مؤشرات أهدافه قبل أوانها، ومنها قطاع "التنمية الاجتماعية" التي تفصح لغة أرقامه عن نتائج مبهرة. تكمن أهمية تعزيز "التنمية الاجتماعية" وتنشطيها؛ بأنها الأساس الذي تبنى عليه مبادرات بناء المجتمع القوي والحيوي؛ إحدى ركائز رؤية المملكة 2030، كما هي الحال في مجتمعات الرفاه الاجتماعي المتقدمة، وهو ما جعل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تركز جهودها على مأسسة المبادرات وتذليل الصعوبات حتى تحقق أهدافها، فعلى مستوى تحسين فعالية وكفاءة الخدمات الاجتماعية تجاوز مؤشر رضا المستفيدين المستهدف بما يقارب 4 %، كما استطاعت الوزارة زيادة نسبة المستفيدين الذين تم تمكينهم للاستغناء عن الدعم إلى 23 % بينما كان المستهدف 14 %! كما زاد حجم مبيعات الأسر المنتجة المدعومة من بنك التنمية الاجتماعية إلى حوالي 9 مليار ريال، بينما كان المستهدف حوالي 2 مليار ريال! وحققت نسبة نمو عدد المنظمات غير الربحية ب82 % بينما كان المستهدف 56 %، وهو ما ينطبق أيضاً على تحقيق قفزة ضخمة في أعداد المتطوعين في المملكة خلال فترة قصيرة، لتصل إلى أربع مئة ألف متطوع. لفت نظري خلال الفترة الماضية العمل الاستراتيجي للمستقبل، كنظام الضمان الاجتماعي المطوّر، الذي سوف يبدأ التفعيل الشهر القادم، ويستهدف تزويد الأفراد والأسر الأكثر حاجة بالدعم المالي والتحول إلى أشخاص منتجين من خلال التأهيل والتدريب، أيضاً توسيع الشراكات الاستراتيجية مع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بخدمات التنمية الاجتماعية، فكان تأسيس وتفعيل اللجنة الوطنية للتطوع واللجنة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية، واللجنة الوزارية لمنظومة الدعم والإعانات، ولا يزال هناك فرص لمزيدٍ من اللجان الوطنية والشراكات مع مؤسسات القطاع الخاص حتى نستطيع ردم الفجوات وتعزيز الرفاه الاجتماعي. الجانب المضيء الآخر في تسارع "التنمية الاجتماعية" في المملكة هو الاستثمار في التحول الرقمي الاستراتيجي، عبر إطلاق منصات موحدة لقطاع التنمية الاجتماعية مثل "المنصة الوطنية للتبرع" التي استطاعت تجاوز إشكالية عدم قدرة المتبرع الوصول للجهات الموثقة وزادت من فرص تمويل المشاريع والبرامج النوعية، والمنصة الوطنية للعمل التطوعي، وغيرها التي رغم حاجتها إلى التطوير التقني إلا أنها حققت تجربة عميل مُرضية، وساهمت في تطوير القطاع واستدامة موارده المالية والبشرية. نتطلع إلى مزيدٍ من إسناد مهام وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وبالذات الخدمات المقدمة لفئات المجتمع لمؤسسات القطاع الثالث، مما لا يسهم فقط في تجويد وتوسيع الخدمة، بل يطوّر ويوسّع مساحة وأثر القطاع "غير الربحي" في بلادنا. بالتأكيد مسيرة "التنمية الاجتماعية" لا تتوقف أبداً، لكننا دوماً لا نقبل إلا أن نكون في مقدمة ركب التقدم الاجتماعي، والأوسع في تقديم الخدمات، وتمكين الإنسان.