عندما احتوى بيان سفارة المملكة العربية السعودية لدى باريس الموجه للسلطات الفرنسية على عبارة "عليه فإن سفارة المملكة تطالب بإخلاء سبيله فوراً"، كان كل السعوديين على يقين بأن ملف المواطن السعودي خالد العتيبي الذي قبض عليه بالخطأ في مطار شارل ديغول في باريس لن يستمر طويلاً، لأنهم على يقين بقدرة السعودية على الرد الحازم والفوري. ومن المؤكد للمتتبع أن الاستعجال الذي رافق أنباء إيقاف المواطن السعودي ومحاولة استغلال ذلك للإساءة إلى السعودية وقيادتها ومواطنيها، يكشف ضحالة فكر من يقودون الهجمات الإعلامية على المملكة الذين يتشبثون بأي معلومة حتى وإن كانت غير دقيقة، ودائمًا ما تكون النتيجة عكس ما يتمنون. ولاغرابة في الاستجابة السريعة من فرنسا في إطلاق سراحه وإلا سيكون هناك ردة فعل ذات أبعاد أخرى، فالمواطن أولاَ لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين -حفظهم الله-، فالمساس بمصالح السعوديين لكسب مواقف سياسية، أمر غير مقبول والحكومة السعودية تعاملت مع الحادثة تحت مبدأ أن المواطن السعودي خط أحمر، وقضية المواطن جمال خاشقجي -رحمه الله-، شأن سعودي خالص، خاضعة لسيادة القضاء السعودي. وبات من المؤكد أن مطالبة السعودية للسلطات الفرنسية بإطلاق سراح المواطن خالد العتيبي "فورًا" يعكس قوة وهيبة الحضور الدبلوماسي السعودي الذي لا يقف موقف المتفرج تجاه أي مشكلة قد تعترض السعوديين والسعوديات في الخارج؛ صغيرة كانت أم كبيرة. والمفرح في هذا الشأن أنه وفي أقل من يوم، نجحت الدبلوماسية السعودية بكل اقتدار في الانتصار للمواطن الذي احتجزته فرنسا بمزاعم باطلة؛ الأمر الذي تكلل بإخلاء سبيله؛ ما يعكس كفاءة العمل الدبلوماسي في تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهم الله- التي تنص صراحةً على متابعة أوضاع السعوديين في الخارج والوقوف معهم في كل الظروف والأحوال. والجيد في الأمر أن التعامل السريع والحازم الذي أبدته المملكة العربية السعودية تجاه الاحتجاز الجائر الذي تعرض له العتيبي على يد سلطات مطار شارل ديغول الفرنسي، يعكس حرص القيادة العليا في الدفاع عن مواطنيها في أي مكان بالعالم، ووضعها لسلامتهم على رأس أولوياتها. بل أن إخلاء سبيل المواطن ليست خطوة كافية لتصحيح موقف باريس، فالحكومة الفرنسية مطالبة بتقديم اعتذار رسمي للمواطن السعودي، وفتح تحقيق موسّع تجاه الأطراف المتورطة (الأمنية والإعلامية) التي ساهمت في تسريب ونشر الخبر دون الاستناد إلى أدلة حقيقية. حيث شاهد الجميع استعجال الفرنسيين في تسريب نبأ اعتقال خالد العتيبي وإطلاق التهم الجائرة عليه دون تثبت يرسم العديد من علامات الاستفهام تجاه ذلك، لا سيما مع سلامة الوضع القانوني للمواطن السعودي وصحة أوراقه الثبوتية ودخوله الرسمي لفرنسا وسريان تأشيرة الشينغن التي يحملها. وهنا لابد لنا نقول إن الإعلام الفرنسي ومن وراءه من أجهزة الضبط الرسمية التي ساهمت في تسريب خبر الاحتجاز، يتحمل المسؤولية القانونية تجاه حملة التشهير والإساءة الكبيرة التي لحقت بالعتيبي، وهو ما يستوجب تحركًا قضائيًا لتعويض المواطن عما لحق به من أضرار نفسية ومعنوية. فحملات الإساءة والتشهير التي قادتها الحسابات المُعادية في منصات التواصل الاجتماعي تجاهه كشفت بكل وضوح افتقادها للمصداقية والمهنية وانجرافها مع كل معلومة تخدم أهدافهم المريضة في الإساءة إلى المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها.