ينتظر أن تعتمد هولندا وبلجكيا إجراءات جديدة تهدف إلى لجم الإصابات بفيروس كورونا التي تشهد ارتفاعا صاروخيا في أوروبا في وقت دفعت فيه متحورة جديدة رصدت في جنوب إفريقيا المملكة المتحدة إلى إغلاق حدودها أمام الوافدين من ست دول في القارة السمراء. باتت أوروبا مجددا البؤرة العالمية للوباء فيما خفضت المتحورة دلتا الشديدة العدوى فاعلية اللقاحات في لجم انتقال المرض، بنسبة 40 % على ما أفادت منظمة الصحة العالمية. وتسبب وباء كوفيد-19 بوفاة أكثر من 1,5 مليون شخص في أوروبا وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا على حصائل رسمية. وفي المجموع، أودى الفيروس بأكثر من 5,16 ملايين شخص في أنحاء العالم منذ نهاية العام 2019. إلا ان منظمة الصحة العالمية ترى أن حصيلة الجائحة قد تكون أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات. وغداة تشديد الإجراءات في فرنسا وتجاوز عتبة المئة ألف وفاة في ألمانيا، تستعد هولنداوبلجيكا المجاورتان لاتخاذ قرارات يصعب على السكان قبولها أحيانا خصوصا في هولندا. وسجلت في هذا البلد أعمال شغب ولا سيما في روتردام ولاهاي إثر اعتماد تدابير إغلاق جزئي مع سلسلة من القيود الصحية. وتنوي الحكومة أيضا منع دخول غير الملقحين إلى اماكن محددة مثل المقاهي والمطاعم. وطلب من السكان من الآن عدم استقبال أكثر من أربعة أشخاص في المنازل والعمل من المنزل. وحظر التظاهر في الشارع فيما تجرى مباريات كرة القدم من دون جمهور. ورغم هذه الإجراءات في هولندا التي تضم 17 مليون نسمة، لا تزال تسجل أكثر من 22 ألف إصابة جديدة في اليوم. سيناريو مخيف في بلجيكا، أكد رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دو كرو، أن الارتفاع في عدد الإصابات وحالات الاستشفاء المرتبطة بكوفيد "أعلى من الاتجاهات الأكثر تشاؤما" التي حددها الخبراء العلميون الأسبوع الماضي. ودعا إلى اجتماع عاجل الجمعة لمسؤولي مقاطعات البلاد لاتخاذ قرار بشأن فرض إجراءات جديدة. وسجلت الإصابات اليومية في بلجيكا الاثنين عددا قياسيا منذ بدء انتشار الوباء في مارس 2020، مع 23621 حالة جديدة رصدها معهد الصحة العامة (سيانسانو). والارتفاع بات مطردا بعدما كانت الإصابات مستقرة عند مستوى معين طوال الصيف وصولا إلى مطلع أكتوبر. وأكد دو كرو كذلك أن السلطات تنوي تسريع التلقيح ولا سيما الجرعات المعزِزة التي تلقاها 1,2 مليون بلجيكي فقط حتى الآن فيما حصل 75 % من السكان على جرعة أولى. إغلاق الحدود في مواجهة التفشي المتجدد لكوفيد-19، تشدد الدول الأوروبية الإجراءات مع استئناف إغلاق الحدود. فقد أعلنت بريطانيا الخميس أنّها ستمنع المسافرين من ستّ دول إفريقية من دخول أراضيها بسبب نسخة متحوّرة جديدة من فيروس كورونا رصدتها جنوب أفريقيا ويرجّح أنّها أكثر عدوى من سابقاتها. وقال وزير الصحّة البريطاني ساجد جاويد إنّ قرار الحظر سيشمل كلّ الرحلات الجوية الآتية جنوب إفريقيا وناميبيا وليسوتو وإيسواتيني وزيمبابوي وبوتسوانا، وذلك اعتباراً من ظهر الجمعة في الساعة 12,00 ت غ. و قالت بريطانيا الجمعة إن العلماء يعتبرون سلالة فيروس كورونا المكتشفة في الآونة الأخيرة في جنوب أفريقيا هي أهم تحور على الإطلاق، ولذلك يتعين معرفة إن كانت مقاومة للقاحات. ودافع وزير النقل البريطاني جرانت شابس عن قرار حظر رحلات الطيران، وقال إن الدرس المستفاد من جائحة كوفيد-19 هو أن التحرك المبكر أمر أساسي. وقالت وكالة الأمن الصحي البريطانية إن السلالة المتحورة التي أطلق عليها اسم بي 1.1.529 تحتوي على "بروتين سبايك"، الذي يشكل النتوءات الشوكية الموجودة على سطح فيروس كورونا، يختلف تماما عن البروتين الموجود في فيروس كورونا الأصلي الذي صنعت لقاحات كوفيد-19 على أساسه. وقال عالم الأوبئة توليو دي أوليفيرا خلال مؤتمر صحافي عبر الانترنت برعاية وزارة الصحة جنوب الإفريقية إن المتحورة "بي.1.1.529" لديها عدد "مرتفع جدا" من التحولات "ورصدنا قدرة كبيرة على الانتشار السريع". وقد تجعل التحولات في الفيروس الأصلي، المتحورات أشد عدوى وصولا إلى جعلها النسخة المهينة كما حصل مع المتحورة دلتا التي كشفت أساسا في الهند. في هذه المرحلة قال علماء جنوب إفريقيون أنهم عاجزون عن الجزم ان اللقاحات المتوافرة حاليا فعالة في محاربة الشكل الجديد من الفيروس. دراسة المتحور أعلن متحدث باسم منظمة الصحة العالمية الجمعة إن فهم مستوى انتقال وشدة المتحورة الجديدة لفيروس كورونا التي رصدت في جنوب إفريقيا يحتاج إلى "أسابيع عدة". وقال كريستيان ليندماير خلال مؤتمر صحافي دوري لوكالات الأممالمتحدة إن خبراء من منظمة الصحة العالمية مكلفين مراقبة التطورات في فيروس كورونا يجتمعون مع ذلك الجمعة لتحديد ما إذا كان ينبغي تصنيف المتحورة التي سميت "بي. 1.1.529" على أنها "مقلقة" أو "يجب مراقبتها". وأعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة أنها لا تنصح الدول راهنا بفرض قيود على السفر بسبب المتحورة الجديدة في غياب الفهم المحدد لمستوى انتقالها وشدة عدواها بعدما رصدت في جنوب إفريقيا.