أكّد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه على روح التعاون بين الدول والشعوب، من خلال ثقافة الحوار لا القطيعة، وتوسيع التشاركية لتحييد الأصوات الإقصائية، مشيراً إلى اهتمام روسيا الاتحادية بالعلاقات مع العالم الإسلامي، وصوته الجامع منظمة التعاون الإسلامي، ودولها الأعضاء، يقابله رغبة أصيلة لدى الدول الأعضاء، والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء لمواصلة التعاون وتطوير الروابط الثقافية والاقتصادية بين روسيا والعالم الإسلامي. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا والعالم الإسلامي"، الذي يعقد هذا العام بمحافظة جدة تحت شعار "الحوار وآفاق التعاون"، بحضور الرئيس رستم مينيخانوف رئيس جمهورية تتارستان رئيس مجموعة الرؤية الإستراتيجية، ومشاركة المسؤولين والعلماء والمفكرين من روسيا الاتحادية ودول العالم الإسلامي. وأوضح بأن شعار الاجتماع "آفاق الحوار والتعاون" يتوافق واهتمامات الجانبين، الروسي والإسلامي، في مجال حفظ السلم والأمن وفض النزاعات ومقاومة التطرف والإرهاب؛ وكذلك قضايا التنمية المستدامة، حيث إن العالم الإسلامي وروسيا بإمكانهما تقديم إسهامات كبرى في حوار الحضارات والثقافات والأديان بما يعزز التفاهم والتقارب والوئام بين مختلف شعوب العالم. تقارب المواقف كما أُلقيت كلمة معالي وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف ألقاها نيابة عنه رئيس الأمانة الدائمة لمنتدى الشراكة روسيا-أفريقيا، سفير متجول لوزارة الخارجية الروسية أو. أوزيروف؛ رحبّ فيها بالحضور والمشاركين في اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا والعالم الإسلامي". وأكّد أهمية هذا الاجتماع كونه على أرض مهبط الوحي، مقدماً شكره الجزيل للمملكة لاحتضانها هذا الاجتماع وسط الجهود المبذولة لتنظيمه، معبراً في الوقت ذاته عن سعادته لشراكة منظمة التعاون الإسلامي للمجموعة. وقال: نشهد تقارباً كبيراً للمواقف الإسلامية الدولية، وعلى المجتمعين في جدة اليوم تقدير شامل لحالة وفاق علاقات روسيا مع العالم الإسلامي، ومناقشة المبادرات الرامية لتعزيز التعاون الإنساني والثقافي وتطوير الحوار بين الديانات. ونوّه بأهمية مقترحات المجموعة الخاصة للحيلولة دون وقوع الأزمات والخلافات القائمة في البلدان الإسلامية، وبأهمية التعاون بشكل فعال مع الدول الأفريقية، لافتاً إلى أن روسيا قدمت دعماً كبيراً لحركة التحرير الوطنية بمختلف البلدان. وأشار إلى أن روسيا تعتبر أعضاء منظمة التعاون الإسلامي ليسوا أصدقاء فحسب بل وكشركاء اقتصاديين يمكن الاعتماد عليهم وتطوير التعاون فيما بيننا على أسس المنفعة المتبادلة. تعزيز قنوات الحوار وألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف كلمة قال فيها: إن الرعاية السامية لأعمال هذا الاجتماع تأتي تأكيداً على أهمية العلاقات الإستراتيجية التي تجمع ما بين روسيا الاتحادية والعالم الإسلامي، وأهمية تعزيزها، لاسيما وأن شعار الاجتماع هو الحوار وآفاق التعاون. وأضاف أن المشاركة الكبيرة والواسعة لعدد من الشخصيات من العالم الإسلامي ومن روسيا الاتحادية في اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية روسيا والعالم الإسلامي يؤكّد على أهمية تعزيز قنوات الحوار وبناء الجسور على أساس من الفهم المشترك والرغبة الصادقة في خدمة البشرية، بعيداً عن الجنس واللون والديانة والعرق، ولعل جائحة كورونا "كوفيد-19" أعطت الجميع درساً قاسياً ولكن في الوقت نفسه رسّخت مفهوم العمل الجماعي والتعاون كوسيلة وحيدة وفعالة لمواجهة التحديات والتعامل مع تداعياتها ضمن إطار التعاون الإنساني. وأشار إلى أن مبادرة المملكة العربية السعودية للحوار بين أتباع الأديان والثقافات شكلت إطاراً للالتقاء وطرح الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وتبادل الأفكار والآراء، بهدف الوصول إلى فهم مشترك واحترام متبادل؛ ولعل انتظام انعقاد اجتماعات مجموعة الرؤية الإستراتيجية روسيا والعالم الإسلامي منذ تأسيسها في عام 2006م، بعد انضمام روسيا الاتحادية إلى منظمة العمل الإسلامي بصفة عضو مراقب، يؤكد إيمان جميع الأطراف برسالتها وأهميتها، حيث عقدت المجموعة ستة اجتماعات منذ تأسيسها في كل من موسكو وقازان واسطنبول وجدة والكويت، وها هي مدينة جدة تستضيف اجتماع المجموعة وللمرة الثانية، بعد أن احتضنت مدينة جدة الاجتماع الرابع في عام 2008م. ودعا معاليه إلى التركيز على تعزيز العمل المشترك والجماعي من خلال وضع تدابير لتعزيز التعاون طويل الأجل بين روسيا والدول الإسلامية، والتنفيذ العملي للشراكة الإستراتيجية بين روسيا الاتحادية وبين العالم الإسلامي، وذلك خدمة للمصالح المشتركة وتعزيزاً للعلاقات الإستراتيجية واهتماماً بالبشرية، واستعداداً للمستقبل وما يحمل من تحديات تتطلب العمل الجماعي لمواجهتها. وشكر الدكتور الحجرف في ختام كلمته المملكة العربية السعودية على احتضانها أعمال الاجتماع اليوم متمنياً للجميع التوفيق والنجاح، مشيداً بجهود مجموعة الرؤية الإستراتيجية وجهود منظمة التعاون الإسلامي وجهود رابطة العالم الإسلامي في تعزيز مفاهيم السلام والتعايش وخدمة أهداف الأخوة الإنسانية. رؤية استراتيجية كما أُلقيت كلمة معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى ألقاها نيابة عنه نائب الأمين العام الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزيد أوضح فيها أن اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية، ينعقد هذا العام تحت عنوان مهم "روسيا والعالم الإسلامي"، مثمناً الجهود في تعزيز التواصل والتقارب ضمن مبادرة رائدة تُجدد الالتزام الأخلاقي بالمحافظة على المكاسب الحضارية الإنسانية، وتُؤكّد حرص روسيا الاتحادية والعالم الإسلامي على تعزيز مفاهيم الشراكة والتعاون في بعدها الإستراتيجي؛ تأسيساً على العلاقات التاريخية المتينة والمصالح المترابطة، وصولاً إلى توافق في الرؤى يستشرف تكاملاً بنّاءً يعود بالخير على شعوبنا ودولنا. وثمّن الرؤية الحضارية المميزة للقيادة الروسية في بناء المواطنة التي تعزز الوئام بين التنوع الديني والإثني، وتشرك الجميع على اختلاف انتماءاتهم وقومياتهم وأديانهم في هموم الوطن ومنجزاته وطموحه وآماله، وتحول التعدد بصورة إلى إثراء وتكامل وتنافس في تحقيق المصالح الوطنية العليا ضمن تشارك إيجابي حقيقي يعزز الوئام المجتمعي، وينعكس على الدور الدولي لروسيا ومكانتها العالمية. التجربة الروسية وقال: أثبتت التجربة الروسية بتنوعها الإثني والعرقي والديني أن الأديان تُرشد إلى بناء تعارف إنساني مستدام مؤسَس على السلام والتسامح والتعايش الإيجابي؛ ذلك ما تتضمنه نصوص الأديان وتعاليمها، وقدر البشرية جمعاء أن تعيش وتتجاور على أرض واحدة، وأن يعترف أفرادها بالحق في الاختلاف والاختيار، لاسيما في العقائد والأديان، ويؤكّد ذلك في الإسلام قول الله تعالى: "لا إكراه في الدين"، وبيان ذلك أنّ اختلاف الأديان لا يسقط به حق الآخرين في البر والإحسان والرحمة، ولا يحول دون التفاعل ومدّ جسور التعاون مع الجميع، بل إنّ المسلم برفيع هديه الديني مدعو إلى التسامح والتعايش وتعزيز العلاقات الإيجابية مع محيطه القريب في وطنه، ومحيطه البعيد المشمول بالناس جميعاً. علاقات منفتحة وأكّد معاليه أن المملكة العربية السعودية تحتفظ منذ تأسيسها بعلاقات متوازنة منفتحة على جميع دول العالم، بل تسهم بدور ريادي من موقعها الديني في مهد الإسلام ومركزه الثقافي والحضاري؛ في تجسير العلاقات الدولية بين العالم الإسلامي ودول العالم المختلفة، على أسس راسخة من الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول؛ تحقيقاً للمصالح المشتركة والطموحات المستحقة للشعوب والمجتمعات، لافتاً إلى أن لقاء هذه الرؤية على أرض المملكة العربية السعودية يعني الكثير، فهي صاحبة السبق الروحي في عموم الوجدان الإسلامي، كونها مهد الإسلام ومصدر إشعاعه ومدرج وقائعه التي رسخت مبادئ السماحة والتسامح والرحمة والتعايش مع الجميع، ويلتقي على ثراها الطاهر كل عام ملايين الحجاج والمعتمرين والزوار من كافة أنحاء العالم ضمن لقاء حافل يعزز الألفة والمحبة والوحدة بينهم في رحاب قبلتهم الجامعة. إدارة التنوع وأفاد أن المملكة العربية السعودية رعت ضمن جهودها في تعزيز التواصل والتعاون والتعايش والوئام مؤتمرات عالمية جامعة؛ إدراكاً منها لأهمية النجاح في الحوار وإدارة التنوع والاختلاف، وتشرفت رابطة العالم الإسلامي بإقامة واحد من أهمها في جنبات الكعبة المشرفة، وهو (المؤتمر التاريخي للوحدة الإسلامية) تحت رعاية سامية منيفة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -يحفظه الله-، ودعم كريم من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين -يحفظه الله-، وقدم المؤتمر رؤية متكاملة لتعزيز مفهوم الدولة الوطنية، والتحذير من مخاطر التصنيف والإقصاء على أمن المجتمعات ونماء الدول وانسجامها ووحدة ترابها الوطني. وثيقة مكةالمكرمة وواصل: كما تشرفتُ وثلّة من أكابر العلماء المسلمين حول العالم بتقديم «وثيقة مكةالمكرمة» التاريخية إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، وهي الوثيقة الأهم في التاريخ الحديث؛ عبّر فيها العالم الإسلامي ممثلاً بنخبته المشاركة في مؤتمرها عن تطلّع العالم الإسلامي بدوله وشعوبه ومؤسساته الرسمية والشعبية إلى إعادة صياغة العلاقات العالمية على هدي من الشرائع الدينية السمحة، وصولاً إلى خير الإنسانية وسعادتها ونفعها؛ وعبَّرت الوثيقة عن أفق الإسلام الرفيع ونظرته المستنيرة للتنوع البشري، ودعوته للحوار والتواصل مع الآخر، مؤكّدة على وجوب احترام كرامة الإنسان وحفظ حقوقه وحرياته المشروعة، وطالبت بسنّ التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية والمحرضين على العنف والعداء، لتكون وثيقة العصر للسلام والتضامن، وقاعدة التواصل بين معتنقي الأديان، وخارطة الطريق لمستقبل الإنسانية وتجانس مكوناتها بما يحقق نهضتها وازدهارها. تواصل حضاري واستطرد: إننا في رابطة العالم الإسلامي -مظلة الشعوب الإسلامية- نعتز بهذا اللقاء المفعم بالأخوة والمحبة والحوار البناء، فهو تتويج للتواصل الحضاري بين روسيا الاتحادية والعالم الإسلامي، وحين التقينا بالمكون الإسلامي في روسيا الاتحادية عند زيارتنا لها، وسعدنا بلقاء إخواننا العمار والحجاج والزوار القادمين إلينا منها، سرّنا اعتزازهم الكبير بدولتهم الوطنية تحت القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس فلاديمير بوتين، التي جعلت الشعب الروسي متآلفاً على المحبة والاحترام والتعايش، يلتقون بوجدان صادق حول دستورهم وقيادتهم، وأسعدنا نموذجهم الحضاري الاستثنائي في الوئام المجتمعي والتسامح الديني والاندماج الإيجابي في إطار المواطنة الصالحة، وهذا ما تحرص عليه الرابطة في مبادراتها وبرامجها المختلفة حول العالم، حيث تؤكّد على رسم آفاق التعاون بين المكونات الإنسانية، وتقريب المشتركات التي تلتقي عليها الأديان السماوية، وتزكيها العقول الراشدة، وتقبلها الفطر السليمة. حضور الاجتماع من المسؤولين والعلماء والمفكرين من روسيا الاتحادية ودول العالم الإسلامي