تطالعنا بعد عدة أيام اختبارات السنة الدراسية الأولى من نوعها في تاريخنا المعاصر. فهي الأولى من خلال مراحل الجائحة وتأتي بعد ثلاثة فصول دراسية أدركها الطلاب والطالبات بجميع مراحلهم الدراسية وتحصيلهم التراتبي. من خلال منصة التعليم عن بعد. بعد اتخاذ القرار الصائب والحكيم بتعطيل الدراسة الحضورية لتلافي ما هو أسوأ. وهي الحالة التي فرضت علينا قسراً. فكنا أمام واقع وضعنا أمام خيارات محدودة. ألزمتنا وضع خطط طارئة للتعامل بشكل مباشر مع هذه الأزمة. وفي نهاية النقاش الموضوعي المعمق كان أمامنا خياران وحيدان. إما أن نتابع الدراسة الحضورية في ظل الجائحة مع ما يكتنفه هذا القرار من خطر على صحة ومستقبل جيل المستقبل الواعد. فكان سقوط هذا الخيار من أول جلسة نقاش. فأصبحنا أمام خيار وحيد كما أسلفت وهو الدراسة عن بعد. دخلنا معترك هذه التجربة ونحن غير مخيرين. لكننا كنا متسلحين بخطط تجريبية تدربنا عليها سابقاً. مما هوّن علينا اجتياز هذه التجربة بكل ثقة وثبات ووعي بملمات الأمور. مررنا خلال تلك المرحلة بعثرات ومطبات فرضتها فجائية الحالة الاستثنائية. كانت مرحلة حساسة تركت آثاراً سلبية في نفوس النشء. فكنا حريصين على محاربة حالة الركود الفكري والسكون الجسدي لأبنائنا من خلال الدعم المعنوي والمتابعة الشاملة لمقتضيات الحالة. كنا في حالة تحدٍ فهي مسؤولية أخلاقية ومستقبل جيل وأمانة تربوية. تخطينا بعدها كل تلك الصعاب. وتجاوزنا كل المطبات حتى وصلنا إلى نقطة التلاقي بين مرحلتين متصلتين. يفصل بينهما طريقة التعاطي مع الحالة الدراسية والاختبارات عن بعد. وحالة التعافي التي أوصلتنا إلى قرار العودة إلى الانتظام الدراسي والاختبارات الحضورية. ومع نهاية هذا الموسم الدراسي الحالي ومقاربة الحالتين لاستنتاج واستخلاص المفاضلة بينهما. وبذلك سنكون أمام تصور كامل وشامل للحالة المتراكمة أمامنا. وبيان نقاط حسنات وعثرات الحالة الاستثنائية. وعندها نكون قد بنينا أسساً وقواعد جديدة للتعامل مع كل جديد. فالدراسات المستفيضة والتخطيط السليم يقينا من المفاجآت غير المحسوبة. ومع كل هذه المعطيات وبنتائج تلك المقاربات يتكون لدينا كم هائل من الخبرات التي تؤهلنا لوضع الخطط المستقبلية وتصدير تجربتنا للآخرين على أسس واضحة المعالم ومضمونة النتائج. تجربتنا تستحق أن تدرس. والعبرة دائماً في المحافظة على النجاح والبناء عليه. هي جردة حساب لابد من مراجعته بشكل دوري. كالميزانية في نهاية العام لا تقبل الخطأ وأرقامها لا تخطئها الحسابات. لقد كان تخطي هذه الأزمة ليس بالأمر الهين. عانينا وما زلنا نكابد مشقة آثارها. نحمد الله أن خرجنا منها بأقل الخسائر وكنا بفضل الله من أوائل الدول المتعافية من طغيان هذه الجائحة. قرارات حكيمة وسياسات رشيدة وخطط موفقة أوصلتنا إلى بر الأمان. فلتكن ذكرى هذه الحقبة كعناء يوم صاخب مر بنا أرهقتنا مشقته حتى فات وانقضى. فنمنا ليلتنا ملأى الجفون هانئين. وصحونا على إشراقة يوم جديد أطاح بسلفه برأي سديد بعد مخاض شديد وبداية أمل بالعطاء أكيد. م. أيمن الفارس