تمثل المنشآت العائلية في المملكة نسبة تصل إلى 63 % من إجمالي المنشآت العاملة في القطاع الخاص، هذه النسبة الكبيرة من المؤسسات والشركات العائلية تساهم سنويا بأكثر من 800 مليار ريال سعودي في ناتج الدخل المحلي وتوظف ما يصل إلى 7 ملايين عامل وعاملة من المواطنين والأجانب. نشأة البيوت التجارية قديمة قدم توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، حيث كانت البدايات المتواضعة للمنشآت العائلية في محلات صغيرة ودكاكين طينية وبعض البسطات تلك كانت نواة للعديد من الإمبراطوريات التجارية المعاصرة التي تتجاوز قيمتها السوقية مليارات الريالات وتتجاوز حدود أعمالها الجزيرة العربية لتصل إلى مختلف أنحاء دول العالم في الشرق والغرب، وعلى الرغم أن هناك الكثير من قصص النجاح والكفاح التي سطرها الآباء والأجداد من مؤسسي تلك الإمبراطوريات إلا أن الكثير من هذه المنشآت تسير نحو المجهول في طريق قد تكون نهايته الاندثار مالم تدارك قيادات الشركات العائلية أن العالم يتغير بسرعة وأن دوام الحال من المحال. كلما تأخر الشركاء في المنشآت العائلية عن تطبيق الحوكمة كلما زادت فرص الخلاف بينهم وتضاربت المصالح واتسعت الفجوة بين الأجيال ليصبح من الصعب جدا أن تستمر المنشأة في أداء أعمالها، وليس غياب الحوكمة فقط هو الخطر الوحيد الذي يهدد المنشآت العائلية بل هناك العديد من المخاطر التي تهدد استدامتها ونموها، ولعل أهم تلك المخاطر هو عدم وجود "ميثاق عائلي" يحفظ حقوق الشركاء من أفراد العائلة وينظم العلاقة فيما بينهم وبين مجلس الإدارة و"مجلس العائلة"، بالإضافة إلى ذلك نجد أن غياب خطط تعاقب الأجيال في الشركة العائلية يترك الباب مفتوحًا لمزيد من الصراعات بين الشركاء، من المؤسف أن تدرك بعض المنشآت العائلية تلك المخاطر في وقت متأخر عندما لا ينفع أي علاج لتبدأ الخلافات التي تضيع معها حقوق المساهمين وحقوق العاملين وتتراكم الديون وتتعطل الأعمال إلى أن تصبح الشركة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه جميع أصحاب المصلحة. إن المنشأة العائلية التي لم تبدأ بالأمس بتأمين مستقبلها ومستقبل الشركاء والعاملين فيها من خلال تطبيق حوكمة شاملة وشفافة مع خطة واضحة لتعاقب الأجيال وآلية محددة للصلح وفض النزاعات، ستجد نفسها في موقف صعب عند نشوب أول خلاف بين الشركاء ليصبح ذلك الخلاف المسمار الأول في نعش تلك الشركة عندما تتعطل الأعمال والأموال ويفقد العاملين وظائفهم وتتفكك الأسرة ليصبح الإفلاس أو تصفية أعمال الشركة هو الخيار الأخير أمام الشركاء. * الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للمنشآت العائلية طلال العجلان