كان جميلًا ذلك المشهد الذي احتضنه ستاد كومبانك في سيدني الأسترالية، حيث كان المطر (الماء) والأخضر (الخضرة) والوجه الحسن والمشرِّف للكرة السعودية الذي قدمه نجوم منتخبنا أمام منتخب أستراليا وعلى مشهد 30 ألف متفرج، ورغم الأجواء الصعبة التي لم يعتدها لاعبو الأخضر، والأمطار التي ظلت تهطل طوال المباراة إلا أن سلمان الفرج ورفاقه وبقيادة فنية من القبطان الفرنسي الأنيق هيرفي رينارد أصروا على أن يقضي الشعب السعودي بقية يومه المفضل الخميس بدون أن (يزعل)! كان الأستراليون يدركون جيدًا أنها مباراة (6 نقاط)، وأعدوا العدة للفوز لخطف صدارة المجموعة والانطلاق بها بعيدًا، وكان نجوم الأخضر بقيادة رينارد يدركون جيدًا أنَّ خطف النقطة من فم (الكنغر) سيكون مكسبًا لا بأس به؛ على اعتبار أنَّ الرد سيكون في السعودية، وأنَّ النقطة خارج ملعبك ستكون وفق ثقافة الذهاب والإياب غنيمة كافية في ظل غيابات مؤثرة رحل بها الأخضر إلى سيدني، لكن البدلاء أثبتوا أن الكرة السعودية بخير، وأنَّ المستقبل بإذن الله أخضر. أعود إلى هذا الفرنسي الأنيق هيرفي رينارد الذي كنت أخشى حين تم الإعلان عن التعاقد معه من أن يكون نجاحه مع منتخبي زامبيا وساحل العاج في تحقيق كأس الأمم الإفريقية 2012 و2015 مجرد صدفة أو حظ، خصوصًا حين قرأت عن تجاربه التي لم تنجح مع عدد من الأندية الفرنسية مثل (سوشو) و(ليل)، وأخيرًا خروجه مع المنتخب المغربي من دور ال16 في أمم إفريقيا 2019 على يد منتخب (بنين) الضعيف ما أجبر هيرفي رينارد على تقديم استقالته وعدم إكمال عقده الذي كان يمتد إلى 2022، بالرغم من نجاحه في بداية مشواره مع المنتخب المغربي في تأهيل أسود الأطلس إلى مونديال روسيا 2018 بعد غياب 20 سنة! الآن أستطيع أن أقول: إن المنتخب السعودي كسب مدربًا (محترمًا) استطاع أن يصنع شخصية قوية للأخضر، وأن يظهر كبيرًا أمام الكبار قبل الصغار، وأن يتمكن مهما كانت ظروفه وغياباته أن يلحق الصين باليابان، وأن يتلاعب بالكنغر في قلب أستراليا ويأخذ منه ما يريد، بل وكاد أن يحقق أكثر مما يريد لولا تألق حارس ريال سوسيداد ماثيو ريان في نصف الساعة الأخير وتصديه لأكثر من فرصة محققة! وبغض النظر عن النتائج والأرقام التي تكفي للثناء على ما يقدمه رينارد من عمل مع الأخضر؛ فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال نجاحه في كثير من المرات في تقديم نجوم الأخضر بشكل فني مرتب، حتى حين لا يكون أولئك النجوم في أحسن حالاتهم مع أنديتهم، لكنهم يظهرون مع رينارد بشكل آخر، وهنا لا مجال للصدفة والحظ، بل اسأل عن التكتيك والتكنيك وحسن التوظيف! بالتوفيق للأخضر في مواجهته بعد غد الثلاثاء أمام المنتخب الفيتنامي الذي فشل في أخذ أي نقطة في الجولات الخمس الماضية، ولا يجب أن تكون نقطته الأولى على حساب الأخضر، وسيكون من المؤسف حقًا أن يحدث ذلك، ولن يحدث ذلك بإذن الله متى ما احترم صقورنا كرة القدم واحترموا الخصم الذي سيتسلح بجماهيره وأرضية ملعبه السيئة وبرغبته في إثبات حضوره وتعطيل المتصدر!