هل تغادر يومك؟ أم يغادرك؟.. لست أتساءل بقدر ما أبحث عني بين حطام بقاياك.. حيث تأخذك الساعة إلى مينائها البحر.. ويأخذك البحر موجة لا تبلغ شاطئه إلا لتنتحر على صخوره؟ كيف إذاً تتم المغادرة بينكما وسط هذه التعقيدات الوجودية؟ وأين أكون حينها وليلك بلا ظل.. وظلك بلا نهار..! طرحت عليه كل هذه الأسئلة بينما كان يبحث في درج سيارته عن عملات نقدية يستكمل به ريال الخبز اليومي.. حين عاد إلى بيته فقط ورأى في عيون زوجته الحياة وفي ضحكات أولاده الحلم دخل غرفة يومه وأخذ يكتب: * للصباحِ يحدّث أطفالَه كيف جاء من الليل..! كيف احتوت خوفه نجمة رقصت في سطوح السماء وقامت لتنشر نصف ملابسها.. كيف ظلّ يعد جواربها جوربًا جوربًا.. وهي ترقص للريح تترك نصف ملابسها للجفاف وأسماءها للسهر.. يقول بقيت لها.. أو بها.. حين تفتح نافذةً للقمر تنام فأبقى أراقبها.. حيث أرى الليل يمضي.. فأوقظكم للمدارس.. ثم أسير لعمكم الظل أسأله من يقيم هناك ونحن هنا..! للصباح.. أنا..! * للضحى.. وهو يمشطُ لحيتَه ثم يمضي يدير اجتماع الظلالِ.. يكلّف ذاك بتسديدِ فاتورة الكهرباء.. وهذا بأقساطه الباقيات وآخر يمسح مكتبه ويعدّ له قهوةً من بخار النميمةِ .. ينقرُ شاشةَ هاتفه ثم يجزم: أنت وفيروز في النارِ..! أومئُ للشمسِ: يا سيدي إنما النارُ والشمسُ صنوا نهارْ يبلّلُ وشْمَ الصلاةِ بجبهتِهِ... يستفيضُ يسرْدِ حكايا القدامى.. وذنب الندامى ويأكل مال اليتامى.. فأتركه لأقيمَ صلاةَ الجدار..! .. للمساءِ.. يعيد الغيومَ لدكْنتِها.. والسماء لوحشتها ويلبس بذلةَ شرطيْ المرور.. ويسألني هل لديك طريق لتعبره.. ثم يجزم.. أنت وما سوف تنوي.. إلى النارِ أومئُ للشمس تغرق في الرمل يا سيدي إنما النار والشمس صنوا المدار للمساء.. تركت بمحفظتي.. ما يقوت الصغار * للظلام يحمّمُ ساعاتِهِ يتهيَّأُ للذنبِ .. يخفي بكعب الحذاء الكلامَ وفي كوبِ قهوته الصمتَ يعبر قبل انتباهي يراود كل النوافذ عن بردها والهواتف عن وعدها ثم يسألني هل تود السهر؟ .. قليلاً.. قليلا.. فيجزم أني وعينيّ في النار أومئ للعمر في قبضة الموتِ... يقطرُ ماءَ الضجرْ..!