شهدت الألفية الجديدة أحداثاً متلاحقة وتطورات سريعة أوحت بمتغيرات كثيرة، بل إنها دفعت دولاً إلى تغيير معاييرها في العلاقات والصداقات، وبما جعل القلق ينتاب بعض المجتمعات من هذا التغير السريع، وبدا أن المصالح المباشرة هي ما أفضى إلى ذلك كما حدث في صفقة الغواصات بين باريس وواشنطن، ناهيك عن المواقف القومية والشعبية تجاه بلدان كثيرة وهو ما يحدث الآن في محيطنا العربي. نشير إلى هذه التوطئة أعلاه ونحن نؤمن أن: «لا عداء دائم ولا صداقة دائمة في السياسة بل مصلحة معينة».. لكن إذا اقترن اختلال الصداقة بمعايير أخلاقية فحتى الدول تبتعد إذا ما طالها زيف من مسؤول من دولة أخرى.. بل إنها تتخذ أشد الإجراءات حتى لو كانت المصالح بينهما على مستوى كبير.. أي أنه ليس هناك مصلحة محددة نقف عندها بل هناك مصالح يحكمها الاحترام المتبادل وعدم التدخل كما هو الشأن في المصالح الاقتصادية والسياسية وغيرهما. وأسوأ المصالح هي التي تكون عليها الدولة مجبرة على فعلها كما يحدث من بعض ساسة لبنان وهم يرضخون تحت الاحتلال الفارسي وتهديده، ليكونوا مستمرين وفق مبادئ المصلحة خاسرين دائماً، بل إنهم زادوا أنهم أفقدوا بلدهم وهجه ورقيّه حتى بات كأنه دولة متخلفة صحياً وبيئياً واقتصادياً.. والسبب أن الإدارة الأخلاقية للمصالح قد أفضت إلى الخسائر .. لا .. الأرباح. وحينما يطالب بعض ساسة لبنان بأن تستمر الصداقة والمصالح بين بلادهم ودول مجلس التعاون فإن مثل ذلك لن يخضع حتى لقانون المصلحة، ولن يسير في ركابه، ولن يخنع حتى لمفهوم الدم العربي واتحاده، بل سيكون شأناً مقلقاً لو تم في ظل الاحتلال الفارسي.. لذا فض المصلحة ورفض الصداقة هما الأمران اللذان يجب أن يحضرا. لن أوغل في الشأن اللبناني لكن حق لي أن أنحى إلى ما يشابه ذلك في المصلحة والصداقة، لكنني أستوعب الآن أننا حين تغيرنا إلى الأفضل ارتعدت فرائص وتغير مفهوم الصداقة لدى دول كثيرة صغيرة وكبيرة، فكان إيقاف المشروع السعودي العظيم المبني على رؤية 2030 التي ستكفينا الاعتماد على الآخر.. هدفاً رئيساً.. ومحاربة بلادنا مهم جداً لهم كي تعود الأمور كما كانت.. لكن هيهات والمسيرة السعودية مستمرة والإيمان بأهدافها راسخ والدعم والدعاء لقائد البلاد وولي عهده - حفظهما الله - مستمران بفخر أكبر. مفهوم «لكي تكون صديقي» استوعبناه كسعوديين بشكل كبير. يحضر معنا الآن ويعيد ترتيب أولوياتنا وعلاقاتنا مع العربي الذي لم ينفك يختلق ويتآمر علينا والغربي الذي يريدنا خانعين ننتج البترول ولا شأن لنا بغير ذلك فالصداقات الزائفة تنكشف بسرعة خاصة لدى الدول الموغلة في الأنانية، لتتحول فجأة من صديق أنيس إلى بغيض شاتم، تصبح هذه الدول متناقضة في كل يوم لها رأي أو تهديد، أما نحن فسائرون نحو الأفضل ولن تعنينا صداقتهم بقيت أو انتهت؟!