انتبه. أنت تقف الآن في حضرة: عالم أو كاتب، مثقف أو معلم احفر لنفسك شرياناً في خارطته اجعله يتذكرك، اجعله يتذكرك لو رآك يوما صورة في كتاب أو ذكرى تخطُر بالبال أو ابتسامة تهرول كلما ذكر اسمك أمامه. انت لاتعلم ماذا تفعل بكلماتك، قد تساعد في بناء يتعاون فيه الجميع أو قد تكون أنت الوحيد الذي لم تستطع وضع لبنة فيه بطريقة صحيحه لايذكر من صاحبها ولكن يظل اثرها كبقعة حبر أسود في ثوب ناصع البياض. مع بدايات العام الدراسي؛ اجلس مع نفسك واستعرض أياما مضت بك وكيف مضت هل دخلت حجرة الدرس وتحدثت أولا لتلامذتك بطريقة ودية هل تقربت اليهم وتوددت كما يفعل الصديق أو الوالد أم أخذك الغرور واستعراض قوة التحكم وفرض القوانين العرفية في قاعة الدرس؟ هل رأيت في عيونهم ترحيبا وانتظارا للوقت الذي ستدخل لهم فيه أم وجدت عيونا تنظر يمينا ويسارا تتعجل دخول احد يريحهم من صوتك أو نظرا في الساعة واستعجالا للوقت كي يمر ويغمضوا اعينهم ولا يرونك ثانية؟ انت الشخص الوحيد الذي تستطيع ان تعرف شعورهم نحوك مهما تعلموا أو اعتمدوا سياسة النفاق اتقاء لثورتك وعصبية سلوكك الفارق بينكما كبير انت مررت بتجاربك ووضعت رغما عنهم ليس باختيارهم في بداية او منتصف طريقهم او في اواخر اعوامهم الدراسية. لا تتحدث كثيرا عن تفوقك أو تفوق أبنائك او احد اخوانك حدثهم عن نماذج تبعد عن حياتك الشخصية عن افراد أثروا في العالم المحيط بهم ولا بأس ان تتحدث باحترام وتقدير عن من علمك فأنت حينها تعلمهم بدون تكلف كيف يتحدثون عنك لاحقا ولكن أحسن احترامهم كذلك وقدر متطلبات المرحلة العمرية لديهم وقبل ان تتعجل في حشو عقولهم بمادتك اهتم بالقراءة عنهم وعن سلوكهم كل حسب عمره والسلوكيات التي تميز ذلك العمر وليكن مدخلك اليهم بالنقاش في كيفية تخطي مرحلة من مراحل الالعاب الالكترونية او في نتائج الدوري المحلي او الأجنبي، حفظ جزء من القرآن، أو مشهد مؤثر في فيلم تاريخي أو حتى كرتوني، من يضحكهم ومن يبكيهم، سوف تشاركهم حينها. اجعل يوما او اثنين لمعرفة انطباعهم عن حياتهم المجتمعية وحاول استنباط ماذا كان لدى احدهم ظروفا خاصة اجتماعية أو اسرية اختر يوما لنقاش قضية من قضايا المجتمع وناقشهم فيها علمهم ان الحرية في الحديث لا تعني تعدي الحدود كذلك احترام آراء الآخر، ولا بأس بأن تناديهم بطريقة أكثر تهذيبا وتقديرا. ماذا يضيرك لو قلت لتلميذك تفضل او تفضلي بالجلوس او حين تطلب منهم طلبا ان تقول من فضلك وانت في غاية التواضع. انت وانا عندما كان ينادينا استاذنا بهذا الاحترام كنا نخرج من مدرستنا ورقابنا تكاد تعانق السماء فخرا بأنفسنا وبأننا أصبحنا شخصيات فاعلة في مجتمعنا واننا نمثل للرمز الذي نقدره وهو استاذنا شيئا هاما فيتغير السلوك والطباع وردود الأفعال كي نليق باحترامه لنا. عزيزي المعلم أنت حين تدخل مدرستك صباحا تاركا وراءك مشكلاتك وحياتك الشخصية ومقبلا على أطفال أو شباب أنت أثرت فيهم او ظلوا لأيام يبذلون جهدا كي يحظوا بتقديرك لابد أن تكون على قدر كاف من المسؤولية تجاههم. انت الان تدخل عالمهم فاترك عالمك جانبا الى ان ينتهى وجودك بينهم في نهاية اليوم، هم كتب مفتوحة انهل منها كيفما تشاء كي تتعلم كيف تكون معلم أجيال. تخيل أنك أب لأول مرة يكون مجهودك اكبر وتعبك أكثر ولكن عندما ترزق بطفل آخر فان الجهد يقل والخبرة تزيد والتعامل يكون أيسر. فكلما تفانيت مع الأمانة التي تركت بين يديك فلا شك أنك ستجني الكثير من عظيم الأثر. كل طفل تتحدث اليه باهتمام تأكد أنه سوف يعمل حسابات عظيمة كي يحافظ على اهتمامك وتقديرك له. وكلما اعطيته الفرصة للحديث دون استخفاف أو تقليل من شخصيته كلما زاد قدرك لديه. حاول ان تضع يدك على النقاط التي يمكن ان يتفوق فيها واساله عن اي درس يحب فمن الممكن ان تدخل اليه من هذا الباب إن ربطته بمادتك او بأنك تحب مايحب او تهتم به. دعه يكتب عن الشخصية التي يعتبرها قدوة أيا كانت وحاول ان تهذب اهتماماته. اربط كل جزء من أجزاء مادتك بمجموعة من الأفلام والصور الحية فأثرها محال أن يترك ذاكرته الوقت داخل قاعة الدرس كاف كي تخرج منه مجموعة من العلماء والأدباء والمثقفين. لا تهتم ابدا بأن تخرج أشخاصا يكون همهم الأول جني درجات عالية دون فهم أو استمتاع وتذكر أن المعلم الفاشل فقط من يرسب لديه تلميذ واحد لانه ببساطة لم يستطع ان يتسلل الى عقله ووعيه ولم يقنعه بالمادة التي يعرضها. لا تدخل انت وتحاول اقناعه او عرض مادة صماء وتطلب منه ان يكون متفوقا فيها خلال ساعة او اقل التمهيد والعرض الجيد واستخدام الطريقة السهلة وبث روح الاطمئنان سبلك كي تقدم عرضا ناجحا وتفوز في النهاية بثقة هذا الكيان الكبير حتى وان خُيل اليك انه ضئيل أو صغير بصغر حجمه. هذا الكيان إن أحبك قلدك حتى في ابسط حركاتك الجسدية وطريقة الكلام وكل ماتفعل وتتفوه فاتقن صنيعك أمامه ولكن بطبيعة ودون تكلف.