تغيرات المناخ على المدى الطويل، وظهور أنماط مناخية جديدة لم يعهدها الإنسان، كان بسبب الأنشطة البشرية بعد الثورة الصناعية في العالم، التي قادت بطبيعة الحال إلى الاحتباس الحراري الذي أدى إلى الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة على مستوى العالم، وإلى حرائق الغابات العابرة للقارات من كاليفورنيا إلى البرازيل فإستراليا وإلى غابات الأمازون، فكانت بذلك من الأسباب التي دمرت الأنظمة البيئية، وسبباً في نفوق الكائنات الحية وهجرة بعضها إلى أماكن ودول قريبة، الأمر الذي أثر على عملية التوازن البيئي، إضافة إلى حرق الأشجار وزحف الرمال الصحراوية إلى داخل المدن والأحياء وتأثيرها على التربة الزراعية الصالحة، خلافاً للخسائر المادية الكبيرة، مسببة في ذلك ضرراً مباشراً للاقتصاد، وربما قادت مستقبلاً إلى تغيرات حادة وكارثية في شدة الأشعة الشمسية المباشرة على الأرض أو سقوط النيازك الكبيرة لو استمرت الحال على ما هو عليه. وعليه فإن الاهتمام بقضايا المناخ ومتغيراته والحرص على لقاءاته ومؤتمراته لم تعد ترفاً، وأصبحت من أولويات الدول الاستشرافية المتقدمة التي تقف على المستقبل وتنظر إليه من بعيد، وتحرص في ذات الوقت على رفاه وجودة حياة مواطنيها، وجميعنا يحدوه الأمل والتفاؤل بمناخ جيد وصحي وملائم لحياتنا البشرية، ونحن نشاهد فعاليات قمة الشرق الأوسط الأخضر في الرياض برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - والرامية إلى دعم المجتمع الدولي في الإصحاح البيئي والمناخي، والتوصل إلى إجراءات كفيلة بتلبية الالتزامات البيئية المشتركة ومن ضمنها تشكيل أول تحالف لمكافحة التغير المناخي في الشرق الأوسط. وعلى كل الأحوال، المسؤولية الاجتماعية تجاه تغيرات المناخ مسؤولية مشتركة لا تقل في أهميتها عن دور دول العالم مجتمعة، لأنه مشروع إنساني في الاعتبار الأول، ولا بد من تضافر جهود الكيانات والمؤسسات والأفراد في نجاحه بحول الله.. ويبقى السؤال، ماذا لو زرع كل إنسان شجرة؟ كم سيكون عدد الأشجار في ظرف الأربعين عاماً المقبلة، التي تساهم في التخلص من الغازات السامة في الجو، وتعمل على تجديد ثاني أكسيد الكربون بالأكسجين؟!