تكتسي منطقة عسير كل عام بحلّة خضراء، تتخللها جداول المياه المنهمرة من سفوح الجبال إلى بطون الأودية، لترسم للمشاهد لوحة ربانية بديعة، ووسط الغابات يجد الزائر متعة الاستماع بموسيقى الطبيعة التي تتشكل من زقزقة الطيور كالسنونو، و"القمري" و"الحمام البري"، ممزوجة بخرير المياه المتدفقة من الشلالات الصغيرة التي تخترق مرتفعات شاهقة من الأودية والجبال مع هطول الأمطار. وتنتشر في عسير 80 % من غابات المملكة، وتحتضن أكثر من 24 % من الحيازات الزراعية بمساحة تقدّر ب (81 ألف كيلومتر مربع)، ومرتفعات جبلية شاهقة يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر أكثر من 3 آلاف متر، وأمطار غزيرة في فصول السنة.. عوامل متعددة وجاذبة جعلت منطقة عسير إحدى أهم مناطق المملكة المستهدفة بمبادرة "السعودية الخضراء" وذلك لحماية الأرض والطبيعة. ويتشكل الغطاء النباتي في عسير من أنواع كثيرة منها "العرعر" و"الطلح" و"السدر" و"الضهيان" و"السيال" و"القرض" و"السلام" و"الغلف" و"الوشاية" و"التين الشوكي" إضافة إلى شجر "العتم" وهو نوع من أنواع الزيتون البري. ويتكامل جمال المساحات البصرية الخضراء مع العوائد الاقتصادية والأمن الغذائي الذي تمثله المزارع الريفية والحديثة في منطقة عسير، حيث عاد معظم الأهالي إلى الاستفادة من المدرجات الزراعية وإحيائها بدعم حكومي، كونها أحد أوجه الأمن الغذائي والسياحة الريفية. وتمثل السياحة الزراعية أحد أهم مظاهر الجذب في منطقة عسير، حيث ترتبط عادةً بزيارة المدرجات الزراعية التي تعد من أجمل مظاهر الحياة الريفية خاصةً في أوقات الصيف، وتحتضن هذه المدرجات سنابل "البُر" و "الشعير" و"الدخن" و"الذرة البيضاء" وغيرها من المحاصيل التي تنبت وتشتهر بها المرتفعات الجبلية في عسير. إلى جانب هذه المدرجات التي تخطف الأنظار بجمالها، تبرز المزارع الكبيرة التي تتوفر فيها وسائل الإنتاج الزراعي الحديثة كأحد أهم روافد الأمن الغذائي والجذب السياحي، فإنتاجها الغزير من الفواكه الصيفية مثل: المشمش والرمان والعنب والفركس والتفاح والبرتقال، أضافت لها قيمة سياحية فريدة، في ظل الإقبال الكبير على هذه المنتجات. وينتج من هذه الطبيعة الخضراء أجود أنواع العسل، مثل: عسل الشوكة الذي يستخلصه النحل من الأشجار الشوكية، وعسل السدرة: وهو ما يعتمد النحل في تغذيته على شجر السدر، وعسل المجرى: الذي يتغذى فيه النحل على زهور متنوعة وتمثل قمم السراة مكاناً مميزاً لتربية النحل في فصل الصيف نظراً لهطول الأمطار واعتدال الجو وتنوع الزهور، في حين ينتقل مربو النحل بنحلهم في فصل الشتاء من القمم إلى السهول التهامية للحفاظ على النحل من تغير الأجواء وتوفر البيئة والجو الملائم وهي رحلة موسمية ملحوظة وممتعة لدى مربي النحل. ولمعظم النباتات والأشجار في منطقة عسير فوائد علاجية، حيث أفادت الدراسات الطبية أن نبات العرعر مثلاً يحتوي على علاج للأمراض الجلدية المزمنة، منها الصدفية، والأكزيما، والبثور، والدمامل، من خلال شرب ثلاثة إلى أربعة أكواب من مغلي العرعر في اليوم، إلى جانب استخداماته في علاج رائحة الفم، وثقل المعدة، والشهقة، وكان يستخدمه القدماء في الوصفات الطبية لعلاج أمراض القلب ومضاد فاعل للبكتيريا، ويصنع من أعواده القطران الأسود والذي تعددت استخداماته قديماً في طلاء الأبواب والنوافذ. وتشتهر منطقة عسير كذلك بتكاثر أشجار "السدر" الذي يعتبر من أهم الأشجار وأقربها للإنسان في جنوب الجزيرة العربية، حيث يعتمد عليها اعتماداً كلياً في حياته اليومية قديماً، خاصة أنها مصدر رئيس لعلف المواشي، وإنتاج العسل، والاستفادة من جذورها وأغصانها في بناء المنازل وردم الأسقف التي كانت تسمى قديماً ب"المعادل". وللحفاظ على ما تبقى من الغطاء النباتي يقوم فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة عسير كل عام بتربية آلاف الشتلات لإعادة زراعتها في مواطنها الأصلية في أعالي الجبال والمتنزهات. جمال المساحات البصرية الخضراء يتكامل مع العوائد الاقتصادية 80 % من غابات المملكة تنتشر في عسير زهور متنوعة على قمم السراة مياه الأمطار ترسم للمشاهد لوحة ربانية بديعة نبات العرعر يحتوي على علاج للأمراض الجلدية المزمنة يتشكل الغطاء النباتي في عسير من أنواع كثيرة، منها: «العرعر» و«الطلح» و«السدر» السياحة الزراعية أحد أهم مظاهر الجذب في المنطقة