اليوم الأول لك في الحياة تبادر بالبكاء كي يسمعك الباقون ويشعرون بأنك القادم الجديد تمر الأيام تبادر بالضجر إن لم تجد لعبة أو طعاما تحب أو حينما تشعر ببعد والدتك عنك شيئا فشيئا عندما يعرف المحيطون بك احتياجاتك يقل لديك شعور المبادرة؛ لأنك ببساطة لا تحتاج للصراخ أو البكاء فالكل يجيب ويتسابق لإرضائك. تدخل لمدرستك في أول يوم حاملا كل ما يمتعك من ملابس، حلوى اهتمام ودلال من والديك ومدرسيك، داخل قاعات الدرس تبادر بالاهتمام وبأن يكون لديك حضور أمام مدرسك وخصوصا إذا كنت تتعلق به ونجح في أن يكون مثلك الأعلى، إذا حققت تميزا في مدرستك فإنك أول من يبادر من بين إخوته بالقصص البطولية التي تحكى للأم وهي تعد لك الطعام بعد يوم حافل من الإنجازات لتنتظر منها إلى لفتة زهو وفخر يبقيك سعيدا لساعات، تبادر إلى تلبية رغبة والدك في المساعدة على حمل أشياء أتى بها للمنزل لتفوز بابتسامة رضا منه أو تفضيل عن باقي إخوتك. من منا لم يقم بتلك المبادرات في سنوات طفولته الأولى، لتأتي بعد ذلك سنوات المراهقة والشباب فيقل هذا الشعور التحفيزي للقيام بأي من الأعمال التي لا يطلب منا أن نقوم بها وتترك لنا الحرية الكاملة في فعلها من عدمه، هذه السنوات الفاصلة في عمر الإنسان إن لم تستغل جيدا من جانب المربين والآباء فإننا نكون حينها أمام شخصية تتمتع بلا مبالاة عالية تجاه أي شيء وكل شيء إن لم ننمِّ هذه الصفة البناءة في شخصيات الأبناء فسيكون انعكاسها خطيرا على سلوكهم في مراحل الشباب وعند استلام أو الوجود في مواقع المسؤولية الحقيقية إذا كان لدينا طفل يتمتع بصفات فعالة ولديه دائما الرغبة في البدء بعمل أي شيء فلا بد أن نفسح له المجال كي يثبت قوة شخصيته وقدرته على البدء بعمل ما يراه صحيحا ومناسبا له من إنشاء علاقات اجتماعية أو الاشتراك والوجود ضمن نشاطات اجتماعية ورياضية. وكذلك مساعدته على انتقاء رفقاء وأصدقاء يكونون على نفس المستوى العقلي والتفاعلي، الشخصية المبادرة لا تأتي من فراغ وإنما هي نتاج تقوية ودعم وثقة من الأهل والمربين والمدرسين وكل من يحيط بها. الشخص المبادر لا ينتظر الأوامر والخطط وطول الإجراءات في كل منحى من مناحي الحياة نجد حولنا شخصا أو اثنين يتمتعون بهذه الصفة العظيمة شخص لا تثنيه رتابة وروتين القواعد الموروثة عن فعل شيء جديد دائما يحتار أمامه المعطلون وأصحاب التأجيل وفرض القيود بحجة القوانين والإجراءات، فرد يستطيع أن يتخذ القرارات الصحيحة بالبدء لأن لديه القدرة على الاستمرار والانتهاء بالأمور التي يقوم بها بنجاح واقتدار تراه يفتح أمامه آفاقا عدة وسبلا كي يعبر الآخرون معه بسلاسة ومن دون عوائق. المبادرون حولنا كثيرون في العلاقات الاجتماعية من زملاء العمل وأحد الجيران أو الأصدقاء الذي لا ينتظرك أن تتفقده أو تسأل عن أحواله أو مشاركتك في أي مناسبة سعيدة أو ظرف غير سعيد لا تتردد أبدا في أخذ النصح منه أو طلبه في أمر ما فهو من السهل الاعتماد عليه. صفة المبادرة نستطيع جميعا أن ننميها بداخلنا عن طريق واحد وهو عدم الانتظار عدم انتظار ما ستؤول إليه أمور أي شيء، فرقاً بين أن نكون متعقلين متريثين وبين أن نكون متواكلين منتظرين أفعال الآخرين من أجلنا. هناك فرق كبير بين أن تكون فاعلاً مؤثراً وبين أن تصبح بإرادتك مفعولا به يقع عليه فعل الفاعل أيا كان وما عليه إلا الرضا والتسليم. بادر بأي شيء تستطيع أن تفعله السؤال عن شخص غاب عنك أو بالابتعاد حتى عن من لم يحسن التعلق بك بادر بحل أبسط مشكلاتك المنزلية ولا تعتمد مبدأ التأجيل بادر بالقيام بنشاط تحبه أو بتعلم مهارة تميل لها. بادر دائما بالأشياء التي لم يألفها أحد ولكن دون خروج عن مبادئ دينك وأعراف مجتمعك المبادر من وجهة نظري قدوة لا يعرف تأثيرها إلا على المدى البعيد حين يكون هو في الصدارة ويكون من سخروا منه في بداية الطريق يراجعون ما قام به من خطوات ويتذكرون ما سخروا منه فيه حسرة ورغبة في التعلم والوصول إليه بادر بإسماع صوتك كما فعلت في لحظات عمرك الأولى التي لم يعرف المحيطون بك أنك على قيد الحياة إلا عندما صرخت صرختك الأولى التي أردت بها أن تقول أنا هنا أكمل وبادر ليس بالصراخ ولكن بعظيم الفعل والتأثير. بادر فأنت تستحق.