هناك وفرة كبيرة في تعريف الفن Art، يمكن تصنيفها من القديم للجديد، ومن المعقد المركب للسهل المبسط، مثل أن الفن هو «النظام» وهو «مرآة الحضارة» وهو «حياة الإنسان» وهو «أنسنة المادة» وهو «صُنع الأشياء»، الفن «وسيلة اتصال جماعي»، الفن هو مَنفَس «مَنسَم» الشحنات الانفعالية الضارة عند الإنسان، وهو الرغبة في صنع شيء جميل مختلف أو مدهش. الفن عملية وجدانية تنبثق منها الأعمال الفنية البديعة التي تبلورها الخبرة والثقافة والإحساس وبعد الرؤية والقيم وتظهر جميلة وتسر الناظرين، الفن هو توافق بين عالم الجمال والمتعة وعالم الوجدان والروح وعالم العقل والبناء، ومزج بين الذات والموضوع وتفاعل بين الروح الإنسانية والطبيعة نفسها والبيئة المحيطة والمجتمع الذي نعيش، لذا الفنان يسعى لتوظيف كل معارفه ومهاراته لابتكار عمل فني يبهر الجماهير. يُعرّف هربرت ريد الفن محاولة لإبداع أشكالٍ ممتعة تشبع إحساسنا بالجمال عندما نكون قادرين على تذوق الوحدة والتناسق أو التناغم والانسجام بين مجموعة من العلاقات الشكلية بين الأشياء التي تدركها حواسنا، الفن يعبّر عن المشاعر الإنسانية والأحاسيس البشرية من خلال الكتل والخطوط والألوان، ويعرّف بندليو كروتشه الفن: تعبير عن الذات في شكل جمالي يحمل قيما إبداعية، والفن هو التناغم وهو النتيجة المنطقية الدقيقة للعلاقات النسبية، كما يعرّفه تولستوي الفن هو ما يستثير إحساس الفرد من خلال إحساس سبق له خبرة أو مر به وهو ممارسة إحساس الآخرين في الخبرة الجمالية، والفن نشاط إنساني يتكوّن من علاقة بين المرسل والمستقبل تتسم بالقيم والجمال، وأيضا قال: «إن الفن هو إحدى وسائل الاتصال بين الناس، فالإنسان ينقل أفكاره إلى الآخرين عن طريق الكلام، وانفعالاته وعواطفه إلى الآخرين عن طريق الفن». فرانيس بيكون رأى الفن هو معاملة بين الإنسان والطبيعة، وأن تأمّل الإنسان في إبداعات الخالق هو دافع للإبداع عند الإنسان الفنان المتذوق للجمال، وذكر شارل لالو «الفن هو الحياة، والسمات الأساسية التي يتصف بها العمل الفني هي سمات مبدعة وجمهوره وناقده ومتذوقه، الفن توافق عالم الجمال والوجدان والعقل وبين الذاتي والموضوعي وبين روح الإنسان والطبيعة». فعليا إن تعريف الفن أكبر من كل التعاريف السابقة، وفلسفته أوسع من كل ما سبق، فكلمة الفن تطلق خطأ أحيانا على العمل الفني المرئي أو المسموع أو المقروء والذي تتوفر فيه قيم جمالية وإبداعية في الشكل والمضمون أو تقنية تشكيل الخامة أو في أسلوب التعبير. ولكن الفن منطقيا هو العملية الداخلية لدى الإنسان والتي تحدث نتيجة تفاعلات وجدانية وعقلية، يهدف من ورائها إحداث ترجمة للأفكار أو الأحاسيس والمشاعر في شكل ما لتصبح رسالة لها مرسل ومستقبل، فالمرسل هو الفنان والمستقبل قد يكون شاهدا عاديا أو مؤرخا أو ناقدا أو أي شخص له اهتمام بالفن. وهناك من يرى عن الفن: «أنه المعالجة البارعة الواعية لوسيط ما من أجل تحقيق هدف ما». وأيضا من يرى الفن هو الحياة وهو علامة وجود الإنسان، لكن في النهاية الفن هو شيء يرفض أن يتحدد ويتقيد ويُقولَب بتعريف أو مفهوم، لذا، كلما عرّفنا الفن، تجدد وتطور حتى ظهرت عشرات الموضات الفنية في القرنين العشرين وبداية الواحد والعشرين، وأعتقد أن من حق كل فنان وإنسان يُعرّف الفن ويفهمه وينتجه ويتذوقه بطريقته. *فنان وناقد بصري د. عصام عبدالله العسيري*