ماذا يعني فوز الروائي (عبدالرزاق قرنح.. 73 سنة) وهو الروائي المجهول والمغمور لدى القارئ العربي تحديداً بجائزة نوبل للآداب؟ ربما كان هذا السؤال هو سؤال الجميع. وكما تتشابه الأسئلة بعد فوز هذا الروائي المجهول الذي يبلغ من العمر 73 عاماً للأغلبية فإن الإجابات تتشابه في عدم معرفتهم بمنجزه الروائي. لكن معلومة وردت في إجابة أحد المشاركين في هذا الاستطلاع لطارق خواجي المشتغل بالترجمة وهو الوحيد الذي قرأ أحد أعماله الروائية بناء على توصية قرأها في قائمة للرئيس الأميركي باراك أوباما عن أدب الأفريقيين المهاجرين. هل لعبت هذه التوصية دوراً في تسليط الضوء والاهتمام بمنجز عبدالرزاق قرنح؟ - هل مُنح الجائزة لاعتبارات لا تتعلق بجوهر الإبداع وإنما لاهتمامه بقضايا إنسانية؟ كلها أسئلة سيجيب عنها الزمن. وفي هذا الاستطلاع ردود فعل العديد من الأسماء الأدبية الذين دونوا رؤيتهم في فوز عبدالرزاق قرنح بجائزة نوبل للآداب: د. حصة المفرح: اعتراف بالأدب الإفريقي د. حصة المفرح/ ناقدة أظن أن لهذا الفوز وقعًا مؤثرًا في العالم عامة والعالم العربي خاصة لاسيما مع العودة بأصول الفائز إلى هذا العالم واليمن تحديدًا؛ إذا إن إنتاجه الأدبي لم يقدم عربيًا قبل ذلك، ولم يكن معروفًا. ولعل الجائزة تمثل اعترافًا بالأدب الأفريقي، وإذا ما علمنا أن الأديب الفائز يكتب باللغة الإنجليزية كما يكتب كثير من المغتربين وإن دارت أحداث رواياتهم في أجواء أفريقية أو كانت مزيجًا من العالمين الأفريقي والغربي، فهذا يعني أن الاحتفاء ليس بالأدب الأفريقي المكتوب بلغته المحلية، وإنما المكتوب باللغة الإنجليزية، ولعل هذا المعيار وضع في الحسبان عند الاختيار، وأسهم في وصوله إلى هذه المكانة، يضاف إلى ذلك اهتمام أعماله الروائية بحركة الاستعمار مما يدخلها ضمن ما يسمى ب( رواية المستعمرات) التي تدور أحداثها في العالم الاستعماري وتصوير الفجوة بين المستعمِر والمستعمَر، وهذه الروايات أصبحت محط الأنظار مؤخرًا في الدراسات الثقافية والنقدية والاهتمامات الأدبية أيضًا. علمًا بأنها ليست المرة الأولى التي يفوز فيها أديب من أفريقيا؛ فقد فاز بها الأديب النيجيري وول سونيكا) عام 1986 قبل فوز نجيب محفوظ بعامين. إبراهيم فرغلي/روائي بسبب الإعلان عن انتماء الكاتب لكل من أفريقيا واليمن ثار تعاطف تلقائي معه خصوصاً من المواطنين العرب وهو أمر بديهي. لكن أعتقد أن هذا التعاطف ذا الصبغة العاطفية لا معنى له بعيداً عن الأدب وقيمته. خصوصاً وأن المفارقة هنا كما تتكشف كل عام مع إعلان الفائز بنوبل، إن العالم العربي لا يزال بعيداً في حقل الترجمة عما ينتج من أدب بلغات العالم المختلفة. ليس فقط بالنسبة للأدب الغربي فقط بل وللإنتاج الأدبي الأفريقي والآسيوي. بالإضافة إلى أن موضوعات الأدب التي يتناولها عبدالرزاق جرنا تتعلق بالمهاجرين وهي قضية من أبرز القضايا التي تهمنا اليوم بسبب التغيرات التي تمر بها المنطقة وتسببت في زيادة حالات الهجرة بشكل غير مسبوق خلال العقد الأخير. وتداعياتها على اوضاع اجتماعية وثقافية عديدة في عالمنا العربي من جهة وفي مناطق استقبال المهاجرين من جانب آخر. وهذا ما يدعوني لترقب صدور الترجمات العربية لأعمال هذا الكاتب بشغف وفضول. وايضا لما في ذلك من دعوة للغرب للانتباه إلى قضايا المهاجرين العرب والأفارقة في أرجاء العالم. صالحة عبيد/ روائية بالمناسبة أظن أن عدم معرفة شريحة واسعة من القراء العرب بعبد الرزاق، عائد لنقص في الإطلاع نسبياً أكثر من كون عبدالرزاق ذاته مغموراً، أظن أن على القارئ -خصوصا الذي ينتمي لتلك الشريحة التي تعرقنا يومياً بكتب متنوعة لكتب في وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة- أن يدرك أن هناك مساحات جديدة ومشاريع ممتدة منذ سنوات لكثير من الكتاب حول العالم وأن القراءة الجادة هي بحث عن المشاريع لا الإغراق بالكم لنمط مكرور من الأسماء والمناطق ولروايات ركيكة في شكلها الإبداعي فقط لكونها مترجمة للعربية، عبدالرزاق أحدهم وهو يكتب بالإنجليزية بالمناسبة، اللغة التي تكاد تحتل جميع تفاصيلنا تقريباً والتي أعتقد أن كل شخص صاحب إطلاع اليوم عليه أن يجيدها نسبياً بعد العربية بالتأكيد، عموما، نعود لمعنى فوز عبدالرزاق، أتمنى أن يضيء ذلك فكرة البحث عن المشاريع الممتدة لمناطق جديدة بالنسبة للمطلع العربي، أفريقيا كمنطقة ملتهبة تعود للواجهة خارج الصراعات المعتادة عن العبودية وحروب السلب، بل كنقطة في ذاكرة كل مهاجر أفريقي -بشكل طوعي- هل هي موجودة فعلياً اليوم جغرافياً ومعنوياً؟ وهذا ما أظن أن مشروع عبدالرزاق يستند عليه من خلال المتابعة الأولية. فهد حسين/ ناقد كما ذكرت في سؤالك أن الروائي عبد الرزاق مغمور وغير معروف لدى القارئ العربي، وأعتقد مثل الكثير من المبدعين في شتى المعارف الإنسانية، من أصول مختلفة القارات والبلدان والمدن، وهو يعكس حالة تراجع كبير في عمليات التواصل الثقافي بين الثقافات والحضارات، فلا ينبغي الوقوف على أصول الكاتب أو ما يتعلق بهويته المكانية أو الدينية أو السياسية، بقدر ما ينبغي النظر فيما أنتجه وهل يستحق الفوز أم لا. ففي الوقت الذي نعتب على دور النشر ومؤسسات الترجمة، وعلى موطن أسرته (اليمن) التي لم تفكر في ترجمة بعض أعماله ونشرها بين الأقطار العربية، فإننا نستغرب الآن من تلك الأقلام التي تكتب عبر منصات التواصل الاجتماعي مركزة على أصله وانتمائه العربي والمنطقة، وهل يغني هذا؟ هل حصوله على نوبل بسبب أصله العربي؟ أم بسبب ما أنجزه من أعمال؟ ومع هذا سيكون فوزه مؤشرًا دقيقًا لدور النشر والترجمة التي فرض عليها فوزه بأن تعيد رسم خططها وبرامجها ليس لترجمة أعماله فحسب، بل للبحث عن هؤلاء المبدعين المبثوثين والمنتشرين في كل بقاع الكرة الأرضية وترجمة بعض أعمالهم، لا الهرولة إلى الكتاب المشهورين لزيادة شهرتهم، وقبر المغمورين ودفنهم، والوقوف على أطلالهم حين تصحو الجوائر لتعطي أحدهم منحة منها. عبدالله التعزي/ روائي أعتقد أنه سؤال يتكرر عندما تكون الترجمة إلى العربية وسرعتها وآلية عملها وذائقتها في اختيار الأعمال تحتاج إلى تحديث. إن صح لنا التعبير. فكما يعرف الجميع ليس لدينا في العالم العربي أي جهة منظمة لترجمة الأعمال إلى العربية ونشرها. إنما هي اجتهادات متفرقة بعضها شخصي والآخر تجاري والقليل مؤسساتي إن لم يكن نادراً. وما يعنيه لي هذا السؤال أنا الانسان قادر على خلق جمالياته الخاصة رغم كل الظروف غير المناسبة والمتعبة والقاهرة في أوقات والتي تحيط به. أفرح لمثل هذا التقدير لمنجز الروائي الأستاذ عبدالرزاق قرنح رغم عدم معرفتي بهذا الإنجاز ولكني إتمنى للروائي المزيد من التإلق والفرح. وإتمنى التوفيق لكل الكتاب السعوديين والعرب. صالحة عبيد: إفريقيا خارج العبودية وحروب السلب حجي جابر/روائي أبهجني فوز الروائي التنزاني عبدالرزاق قرنح بجائزة نوبل للأدب لعدة اعتبارات؛ فقد عادت الجائزة مجدداً إلى القارة الأفريقية بعد غياب طويل نسبياً، كما كانت تلك العودة إلى شرق القارة تحديداً ونعرف كيف أنّ الأضواء قد سُلّطت دوماً إلى غربها في المقام الأول عدا استثناءات قليلة. وأجادت الجائزة كثيراً بأن أضاءت بقعة معتمة بالنسبة للقراء العرب سواء فيما يخص الفائز أو منطقة اشتغالاته الروائية، وهو أمر يُذكّرنا باتساع رقعة الإبداع وامتدادها لتتجاوز المألوف والدارج. هذا الفوز برأيي أنعش الرواية في العالم بأسره وكرّس مكانتها المتألقة أصلاً. ميرزا الخويلدي/ كاتب وإعلامي هذا الفوز يعني لي أن هناك دائماً فرصة للشعوب المهمشة لكي تعبر عن نفسها وتسجل حضورها على المسرح العالمي. الأدب هو الوسيلة الأنجع لكسر تابوهات العزلة، وهو الأمل للشعوب النامية والأقل نمواً لكي تضع لها مكاناً بين العالم الأغنى الذي استأثر بجوائز نوبل في حقول العلوم والطب بسبب المخصصات العالية للبحث العلمي. ويعني لي أيضاً أن نكتشف مدى تقصير العالم العربي في معرفة جيرانه ومحيطه. العرب مقصرون في هذا المضمار أيما تقصير، حتى مواطنهم نجيب محفوظ مثّل فوزه صدمة لهم وكأن العالم كان أكثر تقديراً لأدبه منهم، وهو الذي كاد أن يقتل في بلاده بسبب رواياته وأدبه. عبدالرزاق سالم غورناه (قرنح)، هو مزيج من الهويات المختلطة، فهو الروائي الزنجباري التنزائي البريطاني ذي الأصول الحضرمية اليمنية، لكن للأسف لم يسمع به الكثيرون إن لم يكن الجميع في العالم العربي، ولم تترجم له دور النشر أياً من أعماله الأدبية، ولديه على الأقل 10 روايات، ولم يتوقع أحد أن يصعد نحو الجائزة الأدبية الأعلى في العالم. حتى بداية القرن العشرين، لم يكن العالم العربي قد تعرف على أكبر نوابغ الأدب اللاتيني الذين -بحق- غيروا تاريخ الرواية، بل وتاريخ الكتابة الأدبية وأثروا التجربة الروائية في مختلف انحاء العالم. شخصيات مثل أوغستو روا باستوس، الذي قدم رواية «أنا الأعلى» عام 1974، وتتناول شخصية ديكتاتور باراغواي خوسيه دي فرانثيا الذي حكم البلاد بين عامي 1814 و1840، ومثله الأديب والشاعر والصحافي الغواتيمالي ميغل أنخل أستورياس، الذي كتب رواية «السيد الرئيس» التي صدرت عام 1946، وتناول فيها سيرة «كابريرا» الذي حكم بلده غواتيمالا ل20 سنة حكماً ديكتاتورياً غاشماً، مرشحا ًالقمع والخوف والفساد. والكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، الذي قدم رواية «مئة عام من العزلة»، و«خريف البطريرك» الصادرة عام 1975. والروائي والصحافي البيروفي ماريو بارغاس يوسا، الذي قدم رائعته «حفلة التيس» التي صدرت في عام 2000، ونجح من خلالها في ترصد ديكتاتور الدومينيكان، تروخيو، الذي حكم بلاده 31 عاماً بالقهر والجبروت والإذلال. ومثل (التشيلية) غابرييلا ميسترال المراة الوحيدة من الدول الناطقة بالإسبانية التي حصلت على جائزة نوبل للآداب (1945). هؤلاء النجوم لم يكن العالم العربي ليعرفهم لو لم تلمع على صدورهم ميداليات نوبل ووهج ءضوائها، عندها فقط تعرف عليهم المترجمون العرب. طارق خواجي/ مترجم قد تبدو المسألة في البداية، تساؤلاً وتعجباً عن اسم قد يطرق آذان الأغلب للمرة الأولى، لكن ما إن يصافح القارئ العربي صفحات روايات عبدالرزاق قرنه وقصصه القصيرة وربما دراساته الأكاديمية المميزة عن الاستعمار ودول القرن الأفريقي وهجرات سكانها، حتى يفهم سبب هذا التكريم ودواعي أهمية نشر أعماله. قبل خمس سنوات قرأت روايته «الهدية الأخيرة». عمل عن عائلة وشخصين البنت تحاول التملص من هويتها والأخ الذي يحاول لم الشمل والاحتفاظ بفكرة هوية غير متحققة عن بلد هاجر منه الأب عباس الذي سقط فجأة وأصبح طريح السرير لماضٍ ظن أنه نسيه لكنه وجد طريقه إليه دون أي سابق إنذار. ولم أقرأ له شيئاً بعدها. العمل كان توصية في قائمة للرئيس الأمريكي باراك أوباما عن أدب الأفريقيين المهاجرين. راضي النماصي/ مترجم أعترف أن الأمر مفرح قليلًا على المستوى الشخصي لأني أتشارك بعض الانتماءات معه. أما مجهوليته لدى القراء العرب فليست حصرًا بهم، إذ لا يُعرف على مستوى الترجمة إلى الفرنسية إلا لمامًا، وهي لغة مركزية في الثقافة الغربية؛ ولم يبع من كل كتبه في الولاياتالمتحدة، ذات السوق الهائل القائم بنفسه عالميًا، إلا ما يقارب 3000 نسخة، وهذا ما يعد عددًا مخجلًا هناك ويمكن لأي كاتب متوسط المستوى تخطيه. أما فيما يتعلق بكوني مهتمًا بذوي المستوى الرفيع ومن يجددون الأدب، فليس لي تعليق ولن يضايقني ما حدث حتى أقرأ كتاباته فتعجبني، فالفيصل عندي هو الجودة وإن فاز الكاتب بنوبل أو غيرها، فكم كاتب فاز بنوبل ولم يعجبني، وكم من كاتب لم يفز بنوبل ويحبه الجميع. فهد حسين: فوزه مؤشر دقيق لدور الترجمة عبدالله التعزي: استطاع خلق جمالياته الخاصة حجي جابر: رقعة الإبداع تجاوزت المألوف ميرزا الخويلدي: فرصة للشعوب المهمشة طارق خواجي: دراساته الأكاديمية عن الاستعمار راضي النماصي: جودة العمل هي المعيار