يعتبر القرار الاستفزازي الجديد لمحكمة إسرائيلية بجواز أداء اليهود الصلوات التلمودية في باحات المسجد الأقصى، خطيراً ولعباً بالنار من قبل الكيان الصهيوني، وانتهاكاً صارخاً لكل الأعراف والقوانين الدولية، إذ سيكون القرار بمثابة خطوة تمهيدية نحو تقسيم المسجد الأقصى وانتهاك حرمة الموقع الذي يحمل رمزية دينية وتاريخية عميقة في قلوب المسلمين، وهو ما ينذر بإشعال حرب دينية في المنطقة، في الوقت الذي يسعى فيه العالم حثيثاً لتعزيز التقارب والتواصل بين الحضارات والأديان، وهذا يمثل برهاناً للمجتمع الدولي عن طبيعة النظام العنصري والاستعماري في إسرائيل. تشريع محكمة الاحتلال لقيام المتطرفين اليهود بتدنيس الأقصى يضرب عرض الحائط بقرارات الأممالمتحدة بشأن الوضع التاريخي والقانوني في القدس، كما أنه يمثل امتداداً لسياسة الاحتلال الإسرائيلي الرامية لتغيير المعطيات على الأرض والعبث بالتركيبة التاريخية والجغرافية والديموغرافية للأراضي المحتلة، بقصد إفراغ جهود السلام والحل من محتواها وتأبيد الاحتلال والمعاناة الفلسطينية، ومن الغريب أن الموقف الدولي يبقى باهتاً وضعيفاً إزاء سياسة مدمرة كهذه، تبدد آمال السلام والاستقرار في المنطقة، والواجب أن يقوم المجتمع الدولي بدوله ومنظماته المختلفة باتخاذ موقف حازم وعاجل لوقف عملية الاستفزاز المستمرة التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة قبل أن تخرج الأوضاع عن السيطرة، فالشعب الفلسطيني الصامد لن يفرط بحقوقه مهما طال الزمن، وتكالبت القوى ضده، كما أن المساس بالأقصى برمزيته الدينية يمثل مساساً بمشاعر ملايين المسلمين، ما قد يفضي إلى تداعيات غير متوقعة، لا يمكن ضبط تفاعلاتها في المنطقة وفي العالم برمته. تمضي إسرائيل في مخططها لخلق وقائع جديدة على الأرض هرباً من استحقاقات السلام، وتقودها غطرسة القوة الاستعمارية، وانحياز الولاياتالمتحدة والغرب إلى مواصلة قهر الفلسطينيين وازدراء مساعي السلام، وتنسى في خضم غرور القوة هذا أن كل أدوات البطش والقهر ليس بوسعها أن تقتل الحق الفلسطيني الخالد في قلوب الأمة، وستبقى القضية الأولى عربياً وإسلامياً مهما طال الليل الفلسطيني.