استثمار نقاط القوة وتعزيز موقع المنطقة المميز تمتلك منطقة عسير مقومات طبيعية وبشرية أهلتها لتكون أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني المتنوع الذي بنيت عليه رؤية المملكة 2030. وفي هذا الإطار جاءت استراتيجية منطقة عسير لاستثمار نقاط القوة وتعزيز موقع المنطقة المميز على خارطة السياحة العالمية، لتصبح وجهة سياحية رائدة عالميًا ومقصداً للترفيه والثقافة مع تحقيق التوازن بين التطور والمحافظة وحماية البيئة الطبيعية. وانطلقت أعمال وخطط الاستراتيجية من خلال عمل مشترك بين مكتب دعم هيئة التطوير وهيئة تطوير عسير بالتعاون مع شركة "بوسطن كونسلتينج جروب" التي قادت تحالفاً دولياً مع عدة شركات أجنبية ومحلية، وسارت الفرق العاملة في بناء الاستراتيجية على منهجية البناء الهرمي (من الأسفل إلى الأعلى) حيث اعتمدت على إشراك المواطنين وشركات القطاع الخاص في جميع النقاشات الأولية لوضع الخطط العامة من خلال مقابلات موسعة وصل عددها إلى أكثر من 200 مقابلة، كما عقدت أكثر من 40 ورشة عمل مع الخبراء المحليين والجهات المعنية. وعقدت أمانة المنطقة والبلديات التابعة لها، كونها شريكاً أساسياً في تطوير الخدمات، أكثر من 50 اجتماعاً مع منسوبيها لدراسة الواقع وطرح الحلول، ثم جاءت الخطوة التالية وهي مواءمة الخطة الاستراتيجية مع الأجهزة الحكومية والوزارات المعنية مثل الداخلية والنقل والخدمات اللوجستية والبيئة المياه والزراعة والاقتصاد والتخطيط والصحة والتعليم والشؤون البلدية والقروية والطاقة والصناعة والثروة المعدنية والعدل والإعلام والاتصالات وتقنية المعلومات والتجارة والاستثمار والمالية، إضافة إلى عدد من الهيئات وبرامج تحقيق الرؤية مثل الهيئة العامة للرياضة والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والهيئة العامة للثقافة وصندوق الاستثمارات العامة والهيئة العامة للطيران المدني والهيئة العامة للاستثمار وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية والهيئة العامة للترفيه وبرنامج التحول الوطني وبرنامج جودة الحياة وبرنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية وبرنامج التخصيص وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة، وعقدت في هذا الإطار أكثر من 70 جلسة نقاش. وركزت الخطة على البحث عن الميز النسبية لمنطقة عسير ونقاط القوة، مثل جمال المناظر الطبيعية الخلابة والبيئة المتنوعة والتراث الثقافي والتقاليد الراسخة إضافة إلى قوة وترابط المجتمع. وتقع منطقة عسير في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة، على مساحة تقدر ب81 ألف كيلو متر مربع ويبلغ أعلى ارتفاع فيها (3015م) وهو قمة جبل "تهلل" بالسودة، وترتبط بحدود إدارية مع خمس مناطق هي: الرياض ومكة المكرمة وجازان ونجران والباحة، وتتكون من 17 محافظة، و128 مركزاً، منها 20 مركزاً تتبع الإمارة مباشرة والبقية تتبع المحافظات، وبحسب آخر إحصائية سكانية يبلغ عدد سكانها 2،354،320 نسمة. وتضم المنطقة منشآت حضارية مهمة منها مطاران أحدهما دولي في مدينة أبها والآخر إقليمي في محافظة بيشة، وفيها 380 منشأة إيواء سياحي و12 نادياً رياضياً و48 متحفاً تراثياً، وجامعتان هما جامعة الملك خالد وجامعة بيشة، اللتان دفعتا خلال العشر سنوات الماضية بأكثر من 140 ألف طالب وطالبة في مجالات سوق العمل السعودي، وكذلك كليتان أهليتان ، كما تقوم الإدارة العامة للتدريب التقني والمهني في منطقة عسير بدور كبير في تأهيل الطلاب والطالبات لسوق العمل من خلال 88 منشأة تدريبية، منها 36 منشأة تدريب حكومية، و11 كلية تقنية للبنين، وسبع كليات للبنات، وثلاثة فروع لكليات التقنية للبنين وعشرة معاهد صناعية وثانوية وخمسة معاهد مهنية بالسجون و52 منشأة تدريب أهلية. وتعد جامعة الملك خالد واحداً من ممكنات استراتيجية منطقة عسير لما تمثله من أهمية تنموية وبشرية حيث إن مشروعها الجامعي من أهم مشاريع المنطقة التي تم التركيز عليها والعمل على إنجازها، ليصبح المنجز في العمل ما يمثل 97 %، وباتت على مشارف الافتتاح لتكون قوة داعمة لاستراتيجية المنطقة. ويعتبر مطار أبها الدولي قوة في استراتيجية منطقة عسير المقبلة وواحداً من أهم الممكنات التي تم العمل عليها خلال فترة التهيئة للاستراتيجية، وقد تم العمل في المطار وفق اتجاهين، الأول تهيئة المطار الحالي ليكون مطاراً دولياً ملائماً، والعمل على عدد من المشاريع منها: تأهيل المدرج وتوسعته وتجهيز صالات المغادرة والقدوم الدوليتين، أما الاتجاه الآخر فهو مشروع مطار أبها الدولي الجديد حيث اعتمدت اللجنة الإشرافية للتخصيص بقطاع النقل تعيين الاستشاريين والميزانية اللازمة للدراسات، كما تابع فريق العمل استكمال خطة التصميم ووضع الجدول الزمني للمرحلة التمهيدية والمرحلة الأولى للمشروع ليكون المطار الجديد بطاقة استيعابية تصل إلى 10 ملايين مسافر سنوياً في مرحلته الأولى، وبمساحة إجمالية 125.000 متر مربع. ويشتمل المشروع المستقبلي للمطار في مرحلته الأولى على عشر بوابات للسفر، و14 جسراً لفئة الطائرات ذات الحجم المتوسط من نوع (C)، إضافة إلى ستة مواقف طائرات جانبية، و20 منصة لإنهاء إجراءات السفر، وعشر منصات للجوازات، إلى جانب عشرة أجهزة للتفتيش الأمني، وسبع نقاط تفتيش للجمارك وتسعة سيور لاستلام الأمتعة. وارتكزت استراتيجية عسير على عنصر الأصالة في منطقة عسير، وتجلت الأصالة في إنسان عسير بتاريخه العميق وفنونه المعمارية ونكهاته المحلية المتنوعة والفنون الشعبية التي تعكس تنوع ثقافات المجتمع وترانيم الألحان الثرية عبر تضاريس عسير وجغرافيتها المتنوعة، وما تسجيل 4275 قرية تراثية في عسير يتجاوز تاريخ إنشائها أكثر من 500 عام إلا شاهد عيان على الأصالة المتفردة التي تشتهر بها المنطقة، كما تحتضن المنطقة أكثر من 651 موقعاً أثرياً مسجلاً في السجل الوطني للآثار، وتحتوي على الأحجار والنقوش والرسومات التي يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام، ما يحمل في مضامينها دلالات حضارية للإنسان منذ القدم. وقد شهدت القرى التراثية في عسير اهتماماً خاصاً، فانطلق مشروع أنسنة القرى التراثية، وهو مشروع منبثق من أعمال المشهد الحضري، حيث تم في سبتمبر 2020م توقيع عقد تطوير عدد من القرى التراثية شمل ذلك قرى: القرَّية بمحافظة تنومة، وقرية آل خلف بسراة عبيدة، وقرية آل ينفع بمركز تمنية. كما تمت إضاءة 70 قرية تراثية وموقعاً أثرياً. وتعد منطقة عسير متفردة في تنوع تضاريسها بين الساحل والسهل والقمم والهضاب والصحاري فضلاً عن جغرافيتها التي تجعلها منطقة حدودية على ثغر الوطن الجنوبي، وهذا التنوع في التضاريس نقل ميزتها النسبية إلى ميزة تنافسية إذ تنوع تبعاً لذلك مناخ المنطقة وطبيعتها الجغرافية، ما جعله عنصراً رئيساً لتشكل بيئات الرياضات المختلفة. وتمثل قمم الجبال في عسير 34.3 % من مساحة المنطقة ويتراوح ارتفاعها بين 2000 إلى 3000 متر عن سطح البحر، بانحدارات شديدة نحو الغرب والشمال، كما تشكل الهضاب في مساحة عسير 48.2 % وهي تنحدر نحو الشمال والشرق ويتراوح ارتفاعها بين 1200 إلى 1600م، كما تمتد المنطقة على ساحل البحر الأحمر بطول 125 كم، ويقع ضمنه ميناء القحمة التاريخي، كما تطل عليه عدد من الجزر الصغيرة ومن أشهرها جزيرة كدمبل، فيما تمثل الصحاري جزءاً من مكوناتها الطبيعية والتي تنتشر في محافظتي بيشة وتثليث. وانفردت منطقة عسير بمناخها المعتدل، حيث تبلغ درجة الحرارة الكبرى في فصل الصيف 24 درجة مئوية، وتتميز بتنوع تضاريسها وغطائها النباتي الذي يشكل ما نسبته 60 % من الغطاء النباتي في المملكة، حيث ساعد مناخها المعتدل في انتشار أنواع الزراعة وتوفر المنتجات المحلية بمختلف أنواعها. تلفريك «سودة عسير» اهتمام خاص بالقرى التراثية تسجيل 4275 قرية تراثية في عسير الغطاء النباتي في المنطقة يشكل 60 % من الغطاء النباتي في المملكة منطقة عسير متفردة في تنوع تضاريسها بين الساحل والسهل الضباب على قمم الجبال الفنون الشعبية تعكس تنوع ثقافات المجتمع فنون معمارية جميلة تمتلك أعلى معدل هطول للأمطار في المملكة