بدايةً أرفع لمقام موالي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظهما الله- أصدق المباركات بحلول اليوم الوطني ال91، هذه الذكرى الغالية على قلوبنا جميعًا بما تحمله من فخر بوطننا العظيم الذي توحد تحت راية واحدة بعزيمة قائد عظيم جمع شتات هذه البلاد ووحد الكلمة وبسط الأمن والأمان، ووضع أسس التنمية والازدهار والرخاء والاستقرار، ليستحق الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيّب الله ثراه- أن يكون واحدًا من أعظم القادة في التاريخ. يشهد كثر من أبناء جيلي على قصص وشهادات تاريخية للملك المؤسس -طيّب الله ثراه-، فلطالما تعطرت المجالس بذكره العظيم وقصصه مع رجاله الأوفياء، إذ استطاع الملك عبدالعزيز أن يزرع قيمه ومبادئه النبيلة في نفوس الرجال، الذين لم يكتفوا بذلك فحسب بل ألهمهم بتضحياته ومواقفه البطولية، ومنهجه المرتكز على الحزم في الحكم وحضور الحكمة والكياسة وبعد النظر. قاد المؤسس البلاد بشجاعة نحو الوحدة، وبعد أن بسط عليها ثوب الأمن والأمان، بدأ رحلة البناء والتنمية سعياً إلى الازدهار وهو ما تحقق فحصدته الأجيال المتعاقبة، وكان خلف كل منجز رجال عاهدوا الله ثم قادة هذه البلاد على العمل بالإخلاص والتفاني وتقديم أفضل ما لديهم من معارف وخبرات، فكان لكل مرحلة رجال أخذوا الوطن إلى محطة جديدة. ارتكزت رحلة التطوير في بلادنا على صناعة الإنسان، فمضت بلادنا في رحلتها التنموية في مسارات متناسقة بين البناء على الأرض وصناعة إنسان المستقبل بالاستثمار فيه، فأطلقت برامج الابتعاث مبكراً واستحدثت المؤسسات التعليمية بكافة مستوياتها واستقطبت أفضل العقول، لتبدأ باستيراد المعارف في رحلة بدأت قبل 90 عامًا، حتى أصبحت اليوم مصدراً مهماً للكفاءات ومعقلاً يشار إليه في احتضان أبرز المؤسسات التعليمية والعلمية والبحثية، بل بلغت مرحلة تصدير المعارف والتجارب ويشهد على ذلك المحافل الدولية. وكونت رحلة التحديث المستمرة وجه السعودية المتطورة التي لا تهدأ وتتوقف في أن تكون في مصاف الدول المتقدمة، ما مكنها من أن تأخذ موقعها الذي تستحق كواحدة من أقوى وأفضل 20 دولة في العالم اقتصادياً وتنموياً، وهذا نتاج الاستثمار الأول لبلادنا وهو الإنسان. البناء الصلب لبلادنا والأسس المتينة التي نهضت على إثرها الدولة، صنعت نقلات تاريخية في مؤسسات الحكومة المختلفة، وهو ما ترجم إنجازاً حقيقياً، ففي حين كانت الدولة مبكراً تبني الأسس ظهرت تطلعات ملوك هذه البلاد البررة امتداداً للملك المؤسس -طيّب الله ثراه- في تطور جميع مناحي الحياة وتقديم أفضل الخدمات بكافة السبل بالتمكين المستمر، سعيًا إلى رفعة وخدمة كل من يعيش على أرض المملكة العربية السعودية. ومع بزوغ فجر رؤية المملكة 2030، ارتقت بلادنا إلى مرحلة جديدة لتكتب صفحة جديدة في سجل المجد، باتخاذ سلسلة من الخطوات الشجاعة نحو المستقبل، كان على رأسها التوجه سريعاً نحو التحول الرقمي الذي كان وما زال يحظى بنصيب الأسد في سباق التطوير المتسارع، وهو المجال المحرك لكثير من المنجزات والسعي إلى الريادة في المنطقة والعالم. إن أكثر ما يفخر به المواطن السعودي في هذا المجال خصوصًا المتخصصين، هو ارتفاع معدل نضج الخدمات الحكومية الرقمية، عبر باقة من المنجزات جاء في مقدمها تسجيل تطور يقدر ب35.5 %، في أبرز القطاعات الحيوية مثل النقل، والصحة والقطاع المالي والتجاري وغيرها، إضافة إلى تبني وتطوير مفاهيم الحكومة الشاملة. كما تحققت إنجازات أخرى على صعيد المؤشرات العالمية تتمثل في: التقدم في مؤشرات الأممالمتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية 2020، فضلاً عن التقدم في مؤشر الأممالمتحدة للتجارة الإلكترونية، وأخيراً تقارير مجموعة البنك الدولي لممارسة أنشطة الأعمال في 2020، التي أكدت صعود المملكة لاحتلال موقع بين البلدان العشرة الأفضل تحسيناً لمناخ الأعمال. ومع تعاقب الأجيال واستمرار رحلة التطوير والعطاء لهذا الوطن، الذي نفخر بمنجزاته، أصبح الاحتفال باليوم الوطني ليس مجرد تظاهرة وطنية احتفالية بل وقفة مع النفس لتأمل منجزات هذا الوطن لما يقارب قرن من الزمان، ليأتي السؤال لكل محب لهذا الوطن: إنجاز الوطن وفخر المواطن كيف يمكن التعبير عنه؟ والإجابة هنا في رأيي، بإكمال الرسالة والعمل من أجل الوطن، فالمنجز هو الشكر الحقيقي، والإخلاص هو جوهر التغيير إلى الأفضل في كل مجتمع، فليكن اليوم الوطني منبه تذكير بما قدّم الآباء والأجداد من أجله، ولنسأل أنفسنا ماذا سأقدم غدًا؟ كل عام ووطني بألف خير. * الرئيس التنفيذي لبرنامج خدمة ضيوف الرحمن بسام بن عبدالرحمن بن غشيان