تقدّم مقاتلو طالبان في ولاية بانشير، آخر جيب للقوات المناهضة، في وقت حذّر رئيس الأركان الأميركي من أن أفغانستان تواجه خطر الانزلاق في حرب أهلية أوسع نطاقاً من شأنها أن توفر أرضاً خصبة "للإرهاب". وإثر هزيمتها الخاطفة للجيش الأفغاني الشهر الماضي، والاحتفالات بمغادرة آخر الجنود الأميركيين الاثنين بعد 20 عاماً من الحرب، تسعى طالبان لسحق قوات المقاومة التي لا تزال تدافع عن وادي بانشير. وقال ميلي لشبكة "فوكس نيوز" السبت: "أعتقد أن هناك على الأقل احتمالاً كبيراً جداً باندلاع حرب أهلية أوسع، من شأنها أن تؤدي إلى ظروف يمكنها في الواقع أن تفضي إلى إعادة تشكل للقاعدة، أو تنامي مجموعات إرهابية أخرى". وتعهّد قادة أفغانستان الجدد بالحكم بطريقة أكثر تساهلاً من ولايتهم الأولى، التي جاءت أيضاً بعد سنوات من النزاع تتمثّل أولاً باجتياح القوات السوفياتية البلاد عام 1979، أعقبته حرب أهلية. ووعدت بحكومة "شاملة للجميع" تمثّل تركيبة أفغانستان العرقية المعقّدة، رغم أنه من المستبعد أن تتولى النساء أي مناصب عليا. لكن وعودها وقعت على آذان صمّاء في بانشير، وهو واد وعر شمال كابول، صمد لنحو عقد في وجه الاحتلال السوفياتي، ومن ثم خلال ولاية طالبان الأولى من العام 1996 حتى 2001. وأفاد المسؤول في طالبان بلال كريمي الأحد، عن وقوع مواجهات عنيفة في بانشير، وفيما أكّد عناصر المقاومة الأفغانية قدرتهم على إبعاد مسلّحي الحركة، حذر محللون من أن قوات المعارضة تواجه صعوبات. وأفاد روجيو الأحد أن "جيش طالبان اكتسب خبرة خلال 20 عاماً من الحرب ولا مجال للشك في أن طالبان تدربت كجيش"، مضيفاً أن "النصر غير مرجّح" بالنسبة لقوات المقاومة في بانشير. وأكد أن "جيش طالبان حصل على كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة بعد الانسحاب الأميركي وانهيار الجيش الوطني الأفغاني". بدوره، حذّر نائب الرئيس السابق أمر الله صالح، الموجود في بانشير إلى جانب أحمد مسعود (نجل القيادي التاريخي المناهض لطالبان أحمد شاه مسعود)، من وضع قاتم. وتحدّث صالح في بيان عن "أزمة إنسانية واسعة النطاق" مع آلاف "النازحين جرّاء هجوم طالبان". وتخشى الحكومات الغربية من احتمال تحوّل أفغانستان مجدداً إلى ملاذ للمتطرفين الساعين لشن هجمات. وأكدت الولاياتالمتحدة أنها ستحتفظ بحقها في ضرب أي تهديدات لأمنها في أفغانستان. ويتأقلم المجتمع الدولي مع حقيقة أنه سيتعيّن عليه التعامل مع نظام طالبان الجديد دبلوماسياً. ومن المقرر أن يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الاثنين قطر، التي تلعب دوراً رئيساً في مجريات الأحداث في أفغانستان، وتستضيف المكتب السياسي لحركة طالبان، لكن لا يتوقع أن يلتقي الوزير عناصر الحركة. وسيتوجّه لاحقاً إلى ألمانيا لترؤس اجتماع وزاري يضم 20 بلداً بشأن أفغانستان إلى جانب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس. كما يتوقع أن يعقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اجتماعاً عالي المستوى، بشأن أفغانستان في جنيف في 13 سبتمبر يتطرق خصوصاً إلى ملف المساعدات الإنسانية.