خلال الأيام القليلة الماضية كانت تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن المضللة والتي أكد فيها بأن الوضع في أفغانستان مستقر للحكومة الأفغانية وأن طالبان لا تملك القدرة على استعادة الحكم محطة أنظار الجميع وهدفًا سهلاً لانتقاد اللاذع من قبل جميع وسائل الإعلام الأميركية بما في ذلك الإعلام اليساري والمقصود هنا مجموعة سي إن إن وواشنطن بوست ونيويورك تايمز وسي إن بي سي وغيرها. وفي هذا السياق كان تصريح بايدن بأن وكالة الاستخبارات الأميركية لم تذكر له بأن طالبان يمكن أن تستعيد الحكم وأن حكومة أشرف غني أضعف من أن تصمد أمام طالبان محل استغراب وتشكيك من قبل أهم منبر إعلامي في الولاياتالمتحدة؛ حيث كتبت نيويورك تايمز تحت عنوان "بينما كان بايدن يخبر الشعب الأميركي أنه من غير المرجح أن تسقط كابول، كانت التقارير والتقييمات الاستخباراتية تحذر وترسم صورة متشائمة عن الوضع الأفغاني". وتحت ذات العنوان كتبت الصحيفة: "بحلول يوليو، أصبحت العديد من تقارير الاستخبارات الأميركية أكثر تشاؤمًا، وتساءلت عما إذا كانت أي قوة أمن أفغانية قادرة على حشد مقاومة جادة، وما إذا كان بإمكان الحكومة الصمود في كابول العاصمة. في المقابل قال بايدن في 8 يوليو إنه من غير المرجح أن تسقط الحكومة الأفغانية وأنه لن تكون هناك عمليات إجلاء فوضوية للأميركيين على غرار نهاية حرب فيتنام". وكتبت الصحيفة أيضًا في ذات السياق: "رسمت التقييمات السرية لوكالات الاستخبارات الأميركية خلال الصيف صورة قاتمة بشكل متزايد لاحتمال استيلاء طالبان على أفغانستان وحذرت من الانهيار السريع للجيش الأفغاني، حتى عندما قال بايدن ومستشاروه علنًا أن ذلك من غير المرجح أن يحدث بالسرعة نفسها، وفقًا لمسؤولين حاليين وسابقين في الحكومة الأميركية". وأضافت الصحيفة: "توقعت وكالات الاستخبارات أنه إذا استولت طالبان على المدن، فقد يحدث انهيار متتالٍ بسرعة وستكون قوات الأمن الأفغانية معرضة بشدة للانهيار. من غير الواضح ما إذا كانت التقارير الأخرى خلال هذه الفترة قدمت صورة أكثر تفاؤلاً حول قدرة الجيش الأفغاني والحكومة في كابول على مقاومة المتمردين". نستخلص من تقرير نيويورك تايمز أن ما قاله بايدن حول تقارير وكالة الاستخبارات الأميركية عارٍ من الصحة؛ لذلك اعتبر كثير من المراقبين والأعضاء البارزين في الحزب الجمهوري تلك التصريحات بمثابة الكذب على الشعب الأميركي وتستوفي متطلبات مساءلة الرئيس وعزله، وقد تحرك بالفعل السيناتور ريك سكوت بهذا الاتجاه ويقود حملة جمهورية لعزل جو بايدن. أما النائبة مارجوري تيلور غرين جمهورية من ولاية جورجيا، فقد تقدمت يوم الجمعة بثلاثة مشاريع لعزل بايدن تتلخص في "التقصير في أداء الواجب" بعد سيطرة طالبان، زاعمة بأنه "فشل في تأمين إخراج آلاف المدنيين الأميركيين والحلفاء الأفغان" و "سلح أعداءنا" من خلال ترك المعدات العسكرية الأميركية في أفغانستان. وقد قالت جرين في بيان "في سبعة أشهر قصيرة تسبب جو بايدن في فقدان أميركا احترام العالم بأسره، والدليل أفعاله، بما في ذلك تصريحاته المناقضة للواقع، والفظيعة لدرجة أنه يجب عزله". في المقابل توجد نظرية أخرى داخل كواليس الحزب الجمهوري لا تتفق مع السيناتور ريك سكوت والنائبة مارجوري تيلور غرين وغيرهم ممن يسعى لعزل بايدن وتميل للتحفظ وعدم الاستعجال ومتابعة الأحداث بحذر خوفًا من أن يكون تضليل بايدن ممنهجًا من أجل تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي تمكينًا لنائبة الرئيس كمالا هاريس من المكتب البيضاوي حيث إن المادة تنص على إمكانية عزل الرئيس قبل انتهاء ولايته في حال قدّم "نائب الرئيس وغالبية الموظفين الرئيسيين في الوزارات التنفيذية أو أعضاء هيئة أخرى، إلى رئيس مجلس الشيوخ المؤقت ورئيس مجلس النواب، تصريحهم الخطي بأن الرئيس عاجز عن القيام بسلطات منصبه ومهامه، ويتولى نائب الرئيس فورًا سلطات المنصب ومهامه كرئيس بالوكالة في حل صوت ثلثي أعضاء الكونغرس". هذه النظرية قد تفسر ترشيح هاريس المدعومة والمفضلة من قبل الرئيس السابق باراك أوباما لمنصب نائب الرئيس على الرغم من ضعف شعبيتها داخل أميركا خلال الانتخابات التمهيدية في عام 2020 لأنها لم تتمكن من كسب صوت واحد وكانت أول المنسحبين من المنافسة. كذلك يفسر نشر صحيفة نيويورك تايمز لمثل هذا التقرير الذي يضع بايدن في مرمى الهدف بالرغم من أن تلك الصحيفة عرفت بتحيزها للحزب الديموقراطي. وصول امرأة ذات بشرة سمراء لمنصب رئيس الولاياتالمتحدة الأميركية ويعد هذا حلم أوباما الذي يشاركه فيه جميع منصات الإعلام اليسارية. ولكن السؤال الأهم هل الأمر سهل المنال وقابل للتحقيق؟ في هذا السياق يقول النائب جيمي راسكين بان "التعديل الخامس والعشرين تم اعتماده منذ 50 عاماً، لكن الكونغرس لم يُنشئ أبداً الهيئة التي يمكن أن تحدد اللياقة الرئاسية في حالة العجز البدني أو النفسي". وما يزيد الأمر تعقيداً أن عزل بايدن يتطلب الأغلبية داخل الغرفتين- مجلسي النواب والشيوخ- لذلك الحزب الجمهوري اليوم لن يتمكن من اتخاذ أي إجراء جاد نحو عزل بايدن قبل أن يستعيد الأغلبية داخل مجلسي النواب والشيوخ أو إحداهما خلال الانتخابات النصفية القادمة في عام 2022 والتي ستكون جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعدًا متاحة للمنافسة بالإضافة إلى 34 من أصل 100 مقعد في مجلس الشيوخ. 95123