في داخل الولاياتالمتحدة يتفق الجميع جمهوريون وديمقراطيون ومستقلون على أن الرئيس الأميركي جو بايدن على أقل تقدير لم يوفق في التعاطي مع الحالة الأفغانية؛ من حيث التصريحات الإعلامية بعد أن انقلبت الموازين داخل أفغانستان رأسًا على فور انسحاب القوات الأميركية، ولا نبالغ لو قلنا إن ذلك حدث بين غمضة عين وانتباهتها! وهو عكس ما وعد به بايدن تحت مرأى كل أميركي ومسمعه، قبل الانسحاب بأقل من شهر؛ وذلك عندما قال بكل ثقة: "لا، لأن الجيش الأفغاني جيش منيع بعدد 300 ألف جندي وهذه القوات مجهزة بقدر من التجهيز أي جيش نظامي في العالم ولديهم قوات جوية بينما طالبان عددهم 75 ألف شخص فقط، دعوني أذكركم: طالبان ليست الجيش الفيتنامي واحتمالية سيطرتهم على أفغانستان أو اقتحام السفارة الأميركية غير واردة والتقارير الاستخباراتية تؤكد ذلك". وجاء هذا ردًّا على سُؤَال صحفي: هل سقوط أفغانستان بيد طالبان أمر حتمي؟ إدارة بايدن اليوم تواجه نقدًا لاذعًا بعد الانسحاب المخزي الذي يمكن أن يسجل في عين الناخب الأميركي كخيانة عظمى لكل مواطن أميركي سقط على أرض أفغانستان وكل مواطن أفغاني وضع يده في يد القيادة الأميركية ضد طالبان. وما زاد الطين بلة أن الشعب الأميركي وقف مذهولاً من عجز إدارة بايدن عن تشخيص واقع طرفي النزاع داخل أفغانستان وإمكانيات حله وعجز وكالة الاستخبارات الأميركية التي كانت داخل أفغانستان خلال العقدين الماضيين كما القفاز لليد والضل للجسد! بالنسبة لي شخصيًّا هذه الحادثة أفسدت متعة مشاهدة الأفلام الاستخباراتية. نعود إلى محور حديثنا، فهذا المشهد وهذه النهاية المغايرة لما وعد به بايدن بمثابة طعن في خاصرة مصداقية الرئيس وشعبيته داخل أميركا، وهذا يأتي دون شك في وقت حساس ومهم والبلد مقبل على انتخابات 2022م وذلك في يوم الثلاثاء الموافق 8 نوفمبر. وخلال هذه السنة الانتخابية النصفية، سيتم التنافس على جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعدًا و34 من أصل 100 مقعد في مجلس الشيوخ. كما سيتم التنافس على 39 ولاية وإقليمًا للولايات والعديد من الانتخابات المحلية الأخرى. خلال هذه الانتخابات ستكون تصريحات بايدن المتعلقة بالانسحاب الأميركي من أفغانستان بمثابة حجر الزاوية، وقد تتسبب في خسارة الأغلبية داخل كلتا الغرفتين في الكونغرس- مجلس الشيوخ ومجلس النواب-. وفي هذا السياق، الرئيس الأميركي لا يستطيع تنفيذ برامجه بما في ذلك مشروع الميزانية دون موافقة الفرع التشريعي وبالتالي فوز الحزب الجمهوري بالأغلبية داخل الغرفتين أو على لأقل داخل مجلس الشيوخ ليشل البيت الأبيض وبالتالي يؤثر بشكل سلبي على حظوظ بايدن في انتخابات 2024م. وقد يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك في حال حصل الحزب الجمهوري على الأغلبية داخل مجلس الشيوخ، وهنا يمكن استجواب بايدن بتهمة الكذب على الشعب الأميركي ومحاولة عزلة وهذا سيكون محور تقرير قادم.