موقع المملكة الجغرافي من النعم التي حباها الله بها منذ قديم الأزل، فالموقع الجغرافي هو أهم عامل طبيعي مؤثر بقوة الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والثقافية، وقد أكد سمو ولّي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- أكثر من مرة، على أهمية استغلال الموقع الجغرافي للمملكة لربط القارات الثلاث، بما يعود على المملكة بالنفع في شتى المجالات.. هذا الاهتمام، تجلى بجعلها من المستهدفات الرئيسة في رؤية 2030، ثم كان في -الفترة القريبة الماضية- إطلاق سموه «الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية».. الاستراتيجية التي تقودها وزارة النقل والخدمات اللوجستية، يشاركها التنفيذ -والنجاح بلا شك- كامل المنظومة وعِدّة جهات من القطاعين العام والخاص. هذه الاستراتيجية الطموحة، ضمت في طيّاتها عددا من المسُتهدفات، منها زيادة الوجهات الدولية إلى أكثر من 250 وجهة، لجعل المملكة في المرتبة الخامسة عالمياً في الحركة العابرة للنقل الجوي، وجعل المملكة من أفضل 15 دولة في مؤشر اتصال المطارات مع العالم. كذلك من المستهدفات الطموحة والمُستشرفة للمستقبل، تبني التقنيات الجديدة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية مثل «الهايبرلوب»، واستخدام المركبات الكهربائية وذاتية القيادة، مما بلا شك سيسهم في زيادة كفاءة وفعالية وتكامل أساليب النقل، وخفض استهلاك الطاقة بنسبة 25 %، مما سيكون لها أثر مباشر على جودة تحسين جودة الحياة، من خلال خفض نسبة التلوث، وتقليل الحوادث والإصابات لا سمح الله، كما تهدف الاستراتيجية إلى زيادة حصة النقل العام من إجمالي الرحلات في المدن إلى 15 %، للوصول إلى المرتبة السادسة عالمياً في مؤشر جودة الطرق، حيث ستشهد المملكة عملية تطوير شاملة للطرق ستتضمن رفع معدلات الأمان ونشر الحلول التقنية الحديثة. بعد مشاهدة المؤتمر ومطالعتي لما تم نشره عن الاستراتيجية، أجد أن هذه الاستراتيجية تُعتبر حجز الأساس لجميع محاور وبرامج ومستهدفات الرؤية، بل وحجر وأساس تحتاجه جميع القطاعات، فنجاح الصناعة -على سبيل المثال- في المملكة محكوم بتوافر سلاسل الإمداد لمدخلات الإنتاج، كما يحتاج إلى شبكة نقل وخدمات لوجستية متطورة لتنمية الصادرات الصناعية، كذلك التجارة الداخلية، فهي بحاجة ماسّة لها لتأمين السلع بكل فئاته للسوق المحلّي. الأمر ذاته، ينطبق على القطاعات الواعدة مثل السياحة والترفيه، فجذب سُياح الداخل والخارج متربط بمدى تطور هذه الشبكة، فقطاع الحج والعمرة يستهدف 30 مليون معتمر، وقطاع السياحة يستهدف 100 مليون سائح، وعلى هذا القياس يُمكن معرفة مدى أهمية هذه الاستراتيجية لجذب الاستثمار الأجنبي، وأهميتها لإمدادات الطاقة، وخدمات الصحة التعليم وغير ذلك من مناحي الحياة التي تمّس الجميع. آمالنا وطموحاتنا عالية بنجاح تنفيذ هذه الاستراتيجية، وهذا العلّو في الطموح والآمال، مُسبب بعدِة مُسوغات، أولها، اهتمام وحرص سمو ولي العهد -حفظه الله- وإشرافه عليها، ثم ما ألمح له معالي وزير النقل والخدمات اللوجستية -وهو المُتمرس في إدارة دُفة الجو والبحر- بأن الاستراتيجية ستكون حبر على ورق ما لم تُطبق، وأن الجهد والعمل الحقيقي يجب أن يكون في التنفيذ، كذلك ما نراه من حماس وإدراك من كافة الجهات -قطاعا عاما كان أو خاصا- لأهمية هذه الاستراتيجية وأن نجاحها سيسهم مباشرةً في تحقيق مستهدفاتهم. * متخصص في الأعمال الدولية والشراكات الاستراتيجية