تضاعفت أصول الصناديق الاستثمارية خلال الخمس سنوات الماضية بنحو مرتين ونصف، ويعد هذا مؤشرا إيجابيا يدل على أن الوعي الاستثماري قد تغير خلال السنوات الماضية وأصبح المستثمر يبحث عن المؤسسات المالية التي لديها خبرة في إدارة الاستثمار وتستطيع تجنيبه الكثير من المخاطر التي تتعرض لها الاستثمارات إذا تمت إدارتها من قبل الأفراد والتي في العادة تفتقر إلى كثير من المعلومات والتحليل المبني على العلم والمعرفة، لذلك فإن خلق وعي استثماري لدى الأفراد أصبح ضرورة ملحة تتطلب بذل جهود كبيرة وانتهاج سياسات توعوية طويلة المدى من قِبل أسواق الأسهم والمؤسسات المالية المتخصصة وهيئات التشريع والرقابة، وتحويل القنوات الاستثمارية إلى قنوات مؤسساتية تخلق بيئة استثمار محفزة وجاذبة، وتحمي الأسواق المالية من العشوائية عند ممارسة السلوك الاستثماري الفردي الذي يتأثر كثيراً بمصادر المعلومات الخارجية والتي تفتقد إلى المصداقية وتسعى لتحقيق أهداف أشخاص اعتادوا أن يقتاتوا على أمول صغار المستثمرين، وبما أن رؤية المملكة 2030 أولت اهتماماً كبيراً بتطوير القطاع المالي فقد شهدنا خلال السنوات الأولى من التطبيق قفزات هائلة في تطوير السوق المالية السعودية وفتح مجالات عديدة للاستثمار والتمويل وإطلاق مبادرات فنتك التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى وجهة للابتكار في مجال التقنية المالية، وقد تم التصريح لعدد من شركات التقنية المالية وإطلاق خدماتها والتي بدأت في ابتكار حلول تقنية لإيجاد فرص استثمارية جيدة للمستثمرين ورواد الأعمال من خلال التمويل الجماعي بالملكية والذي يتيح للمستثمرين فرصة المشاركة في شركات جديدة بأي مبلغ وهذا محفز كبير لإطلاق الأفكار والابتكارات وضخ المزيد من الشركات الناشئة في الاقتصاد السعودي. أصول الصناديق الاستثمارية بنهاية العام 2020 بلغت نحو 210 مليارات ريال فيما بلغ عدد المشتركين نحو 259 ألف مشترك بنمو تجاوز 60 % خلال الخمسة سنوات الماضية، في الربع الأول من هذا العام نمت أصول الصناديق الاستثمارية 11 % مقارنة مع الربع الأخير من العام 2020، كما ارتفع عدد المشتركين بنحو 7 % وهذه مؤشرات قوية على أن النمو مستمر وبوتيرة متزايدة وإن حافظت الصناديق الاستثمارية على أدائها الجيد قد تصل قيمة الأصول الاستثمارية بنهاية هذا العام إلى أكثر من 260 مليار ريال، هذا التحول في الفكر الاستثماري جاء بسبب عدة عوامل منها أن عوائد الصناديق الاستثمارية أصبحت مجدية فقد حققت منذ بداية العام متوسط تجاوز 7 % يشمل كل أنواع الصناديق الاستثمارية ولكن تظل صناديق الاستثمار في الأسهم هي الأعلى في تحقيق الأرباح فقد حققت نسبة تجاوزت 27 % وهذا يعود إلى الارتفاعات القوية التي شهدتها الأسواق المالية المحلية والعالمية ولكن أصول صناديق الأسهم معظمها تستثمر في السوق السعودية ولذلك نجد أن متوسط الأرباح المحققة يتماشى مع ارتفاع مؤشر السوق السعودية، بعض الصناديق المستثمرة في السوق السعودية تجاوزت أرباحها 40 % منذ بداية العام الحالي، أما الصناديق المتوازنة فقد حققت نحو 18 % من بداية العام، ثم صندوق الصناديق بنحو 11 %، صناديق أسواق النقد وصناديق السندات والصكوك هذه صناديق منخفضة المخاطر وعادة تفضلها الشركات ورجال الأعمال الذين لديهم فوائض مالية ويرغبون في استثمارها من دون مخاطر، ولذلك نجدها تستحوذ على أعلى الأصول حيث بلغت أصول صناديق أسواق النقد نحو 159 مليار ريال بنسبة تقارب 63 % تليها صناديق الصكوك والسندات التي تجاوزت نسبتها 13 % من أجمالي الصناديق الاستثمارية، عند تحليل أصول الصناديق استغربت من ضعف أصول صناديق الاستثمار في الأسهم المحلية التي لم تصل إلى 20 مليار ريال، مع أن صناديق الأسهم قد حققت أرباحاً عالية جداً وكان بالإمكان الاستفادة منها بشكل جيد في الدعاية والتسويق لهذه الصناديق وفي اعتقادي أن كثيرا من المستثمرين في سوق الأسهم لو وصلتهم المعلومة عن الأرباح العالية في هذه الصناديق لتحولت استثماراتهم المباشرة في السوق السعودية إلى الاستثمار في هذه الصناديق والمحافظة على رؤوس أموالهم من المخاطر العالية التي تتعرض لها استثماراته عند يكون القرار الاستثماري أحاديا، ومع ذلك يجب أن لا نبني قراراتنا الاستثمارية في الاشتراك في هذه الصناديق على بيانات تاريخية لأن الأرباح التي تحققت في الفترة الماضية قد لا تعود وخصوصاً في صناديق الأسهم، ومن الأفضل الاستثمار في صناديق متنوعة وذلك بتخصيص 30 % للاستثمار في صناديق عالية المخاطر مثل الأسهم و30 % للاستثمار في الصناديق متوسطة المخاطر و40 % للاستثمار في الصناديق منخفضة المخاطر.