إلى ما قبل أولمبياد بكين 2008 وسباقات السرعة القصيرة 100 و200م تخصص أمريكي من حيث احتكار معظم ميدالياتها أو صناعة أبطال وأساطير في هذا النوع من السباقات حتى قررت جامايكا تغيير مسار التاريخ الخاص بهذه السباقات، جامايكا الدولة التي لا يتجاوز عدد سكانها 3 ملايين نسمة فقط منذ ذلك الحين وحتى اليوم تحتكر سباقات السرعة وبأرقام قياسية سيدات ورجال وقدمت أسماء مرجعية في هذا النوع من السباقات بداية بأسافا باول ومرورا بيوسين بولت ووصولا ليوهان بليك، فماذا فعلت هذه الدولة الصغيرة سكانيا لتغير مجرى الذهب الأولمبي الخاص بسباقات السرعة؟ أطلق الجمايكيون برنامجا وطنيا تحت مسمى (بطل) يضم سنويا أفضل العدائين في مدارس جامايكا ويتضمن سباقات لمختلف الفئات العمرية ويستقطب سنويا قرابة 2000 عداء وعداءة، وبمخرجات هذا المشروع جامايكا اليوم وقبل حتى الحديث عن حصادهم في طوكيو يملكون 22 ميدالية ذهبية أولمبية جميعها تحققت عن طريق ألعاب القوى. وعلى غرار تجربة جامايكا فإثيوبيا بفوز بطلها الأولمبي باريجا بذهبية سباق 10.000م في طوكيو وصلت للميدالية الذهبية رقم 23 في تاريخها الأولمبي وجميع هذه الميداليات عن طريق ألعاب القوى. الدروس المستفادة من هكذا تجارب كثيرة ولكن برأيي أهم دروس تلك التجارب هي أن أساس صناعة بطل أولمبي التركيز على نقاط قوتك والألعاب التي تمثل هوية وثقافة شعبك وشغف شبابك فهي طريقك لكتابة التاريخ أولمبيا، التركيز على ألعاب محددة ثم البداية من القاعدة فيها وبأعمار صغيرة وتوفير كل الإمكانات للاعبيها هي أول الخطوات نحو تغيير صورة مشاركاتنا في الأولمبياد. السطر الأخير: السعودية بلد متنوع جغرافيا ومختلف من حيث المكون المجتمعي والثقافي الخاص بأفراده، وهذا أمر إيجابي على مستوى تعدد الهوايات والاهتمامات الرياضية، ولو استغللنا هذا الأمر باستثمار رياضي حقيقي لهذه القدرة البشرية التي تفتقدها دول كثيرة تصنع التاريخ من حولنا سنجد لأنفسنا تمثيلا يليق بقيمة وإمكانات المملكة العربية السعودية في محفل كالأولمبياد.