في مهمة سامية عام 1893م، صعد على متن السفينة الهندية «كيفا» 979 حاجا (760 رجلا و169 امرأة و22 من الأولاد)، وبعد تمام الركب أرخت السفينة وثاقها على شواطئ مدينة بومباي في الهند، وتنفس الجمع الصعداء ميممين وجوههم في رحلة خالدة شطر مكةالمكرمة لأداء فريضة الحج. إلا أن الرياح لم تجر كما اشتهت «كيفا» وحجاجها، فبعد أيام من المسير تعرضت السفينة لحريق في مخازنها السفلية، وهرع الكل بدلائهم لإنقاذ الموقف، وبعد استنفاد كافة محاولات السيطرة على الحريق دون جدوى، اضطر القبطان وطاقمه إلى الإبحار للرسو في أقرب بقعة آمنة، وكانت البقعة اليابسة الأقرب لهم حينها سواحل ولاية مرباط في سلطنة عمان التي تبعد ما يقارب 140 ميلا بحسب مذكرات القبطان. ومع الاقتراب من سواحل مرباط أخذ الدخان في التصاعد بشكل مكثف، فبادر الطاقم بإنزال قوارب النجاة لنقل الركاب إلى الشاطئ، واستطاع القبطان أن يوجه مقدمة السفينة إلى بقعة رملية على بعد 3 أميال من الشرق من رأس مرباط، ليكون المرسى الأخير للسفينة «كيفا». قبل أن تغرق بشكل كامل على بعد 300 ياردة من الشاطئ. أهالي ولاية مرباط هبوا بقواربهم لنجدة الركاب ونقلهم للساحل، فساهموا بشكل كبير في إنقاذ ركاب السفينة التي ظلت تحترق طوال تلك الليلة، وهبط معظم الركاب بأمان قبل أن تشتعل النيران في معظم أجزاء السفينة، وهو ما أشاد به قبطان السفينة في مذكراته التي أشار فيها إلى موقف والي مرباط حيث قام بتوفير سفينة نقلت القبطان وبعضا من رجاله إلى مسقط، وقام الأخير بالتواصل مع القنصل البريطاني هناك وبدوره تواصل القنصل مع السلطان فيصل بن تركي بن سعيد حيث أمر السلطان فيصل بتوفير باخرة كانت قد وصلت إلى ميناء مسقط وأمر بسرعة إبحارها إلى مرباط لنقل الركاب، ومواصلة الرحلة الخالدة. السفينة «كيفا» بقيت منذ ذلك الحين في أعماق سواحل مرباط، إلى أن أعلنت مؤخرا وزارة التراث والسياحة في سلطنة عمان في إطار جهودها لتوثيق التراث الثقافي المغمور بالمياه بالقيام بتنفيذ أعمال المسح والتنقيب في موقع السفينة الغارقة، حيث قام فريق الآثار المغمورة بالمياه بالغوص وتصوير بقايا حطام السفينة؛ ليتم إسقاط الموقع في خارطة المواقع الأثرية للتراث الثقافي المغمور بالمياه في المياه المحلية والإقليمية، حيث تسعى الوزارة إلى توثيق كل ما يتعلق بالتراث البحري على وجه العموم ولجميع أشكال التراث الثقافي المغمور بالمياه بشكل خاص. جانب من أعمال المسح والتنقيب لتوثيق السفينة «كيفا»