ما زالت فرق الطوارئ الألمانية الجمعة تبحث عن مئات الأشخاص المفقودين بعد أسوأ فيضانات تسببت في مقتل 81 شخصاً على الأقل غربي البلاد. وأعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من واشنطن حيث التقت الرئيس جو بايدن عن خشيتها "من عدم القدرة على معرفة الحجم الحقيقي للكارثة إلا في الأيام المقبلة". وعنونت صحيفة "بيلد" اليومية الأكثر قراءة في ألمانيا صفحتها الأولى "فيضانات الموت" بعد هطول أمطار غزيرة في مناطق عدة، تسببت بأضرار مادية وزرعت رعباً بين السكان الذين فوجئوا بالفيضانات. وأحصت بلجيكا المجاورة تسعة قتلى على الأقل فيما تضررت لوكسمبورغ وهولندا بشدة جراء السيول، وقد أجلي الآلاف في مدينة ماستريخت. لكن حصيلة القتلى في ألمانيا كانت الأعلى وقد بلغت 81 ومن المرجح أن ترتفع مع بقاء أعداد كبيرة من الأشخاص في عداد المفقودين في ولايتي شمال الراين- وستفاليا وراينلاند بالاتينات، الأكثر تضرراً. في منطقة آرفايلر المدمرة في راينلاند بالاتينات، فقد حوالي 1300 شخص إلا أن السلطات المحلية أفادت لصحيفة "بيلد" بأن هذا العدد الكبير يعود على الأرجح إلى تضرر شبكات الهاتف وبالتالي عدم القدرة على التواصل مع كثر. وقال وزير الداخلية الإقليمي روجر لوفنتز لإذاعة "إي دبليو آر"، "نعتقد أنه ما زال هناك 40 أو 50 أو 60 شخصاً في عداد المفقودين، وعندما لا تعرف أي شيء عن أشخاص لفترة طويلة.. عليك أن تخشى الأسوأ". وأضاف أنه "على الأرجح سيستمر عدد الضحايا في الارتفاع في الأيام المقبلة". "كارثة" كذلك، من المتوقع استمرار هطول الأمطار في أجزاء من غربي البلاد حيث يرتفع منسوب المياه في نهر الراين وروافده بشكل خطير. ونُشر حوالي ألف جندي للمساعدة في عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض في البلدات والقرى المتضررة. ويمكن مشاهدة شوارع ومنازل غارقة تحت المياه وسيارات منقلبة وأشجار مقتلعة في كل المواقع التي أتت عليها الفيضانات فيما عزلت بعض المناطق عن العالم الخارجي. في آرفايلر، انهارت العديد من المنازل بشكل كامل، ما ترك انطباعاً بأن موجة تسونامي ضربت المدينة. وتأكد مقتل 20 شخصاً على الأقل في أسكيرشن، إحدى البلدات الأكثر تضرراً في شمال البلاد. أما وسط المدينة الذي عادة ما يكون نظيفاً وأنيقاً، فيبدو كأنه ساحة خراب. وقالت ميركل للصحافيين في واشنطن: "قلبي مع كل الأشخاص الذين فقدوا أحباء لهم في هذه الكارثة والقلقين بشأن مصير أشخاص ما زالوا في عداد المفقودين". وأوضحت أن حكومتها لن تترك المتضررين "وحدهم في معاناتهم" مضيفة أنها "تبذل قصارى جهدها لمساعدتهم في محنتهم". وقالت آن ماري مولر (65 عاماً) وهي تنظر إلى حديقتها التي غمرتها المياه من شرفتها: إن بلدتها ماين لم تكن مستعدة لهذه الكارثة. وأضافت لوكالة فرانس برس: "من أين أتت كل هذه الأمطار؟ إنه جنون". أما في بلجيكا، فما زال أربعة أشخاص في عداد المفقودين وقد أرسل الجيش إلى أربع مقاطعات من أصل 10 في البلاد للمساعدة في عمليات الإنقاذ والإجلاء. ومع غرق المنازل بالمياه منذ الأربعاء، نقل أشخاص من منتجع سبا موقتاً إلى خيام. وقال رئيس فالونيا إليو دي روبو: إن نهر الموز المتضخم "سيشكل خطراً على لييج"، وهي مدينة مجاورة يقطنها 200 ألف شخص. تغير المناخ أعادت العواصف ظاهرة تغير المناخ إلى قلب الحملة الانتخابية في ألمانيا قبل الانتخابات المقررة في 26 سبتمبر والتي ستنهي 16 عاماً من وجود ميركل في السلطة. وقال وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر: إن ألمانيا "يجب أن تستعد بشكل أفضل" في المستقبل مضيفاً أن "هذا الطقس المتطرف هو نتيجة لتغير المناخ". ونظراً إلى أن الغلاف الجوي الذي أصبح أكثر دفئاً يحبس المزيد من المياه، فإن تغير المناخ يزيد من وتيرة وشدة الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة. وفي المناطق الحضرية التي تضم نظام صرف صحي سيّئاً ومباني واقعة في مناطق عرضة للفيضانات، قد يكون الضرر كبيراً. وقد سارع المرشحون إلى إثارة مسألة المناخ وإطلاق الوعود بشأن المناخ بعد الفيضانات. ودعا رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت، المحافظ الذي سيخلف ميركل، إلى "تسريع" الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، مشدداً على الصلة بين تغير المناخ والظواهر المناخية القصوى.