لوقت طويل، سيذكر تاريخ العلاقات بين السعودية وسلطنة عمان، قمة نيوم التي جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، تلك القمة التي أعادت صياغة العلاقات بين البلدين بشكل شامل ووافٍ، عكست رغبة القيادتين والشعبين الشقيقين في تعزيز العلاقات بينهما إلى حد التكامل التام في الكثير من الملفات المهمة، بما يضمن الازدهار والتقدم للبلدين. وتبعث تفاصيل البيان الختامي للقمة برسالة عاجلة إلى شعبي الدولتين، بأن المملكة وعمان قررتا المضي في تعزيز علاقات تتسم بالتعاون والتآخي والتحالف، النابعة من إيمان القيادتين بالمصير المشترك، وأهمية التحالف في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والأمنية والثقافية والدبلوماسية والتعليمية وفي كل ما من شأنه أن يعزز المنافع والمصالح المشتركة، ويعود على الشعبين بالخير والنماء. نجاح القمة بلغ ذروته، عندما وضعت حداً لسنوات طويلة من الوعود المتكررة بافتتاح الطريق البري المباشر الذي يربط بين المملكة والسلطنة، إذ وجهت تلك القمة بتسريع الخطى نحو إنشاء هذا الطريق ومعه منفذ حدودي، يُسهمان في تسهيل تنقّل مواطني البلدين براً، وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود. وكما أن للمملكة رؤية تعمل حالياً على تنفيذ بنودها، وهي رؤية 2030، فلسلطنة عُمان رؤية مماثلة، أطلقت عليها رؤية 2040، ويثمر التحالف الشامل بين البلدين بهذه الصورة المعلنة، عن تعزيز قدرات الرياض ومسقط في تحقيق متطلبات الرؤيتين بأفضل صورة وأحسن أداء، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على رفع وتيرة التعاون الاقتصادي بينهما، من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص، للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية، تحقّق طموحات الشعبين. ترجمة تطلعات قيادة البلدين وفق ما جاء في بيان القمة، سوف تتحقق عبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة، ينتظر أن تُعلن عن نفسها خلال الفترة المقبلة، تشمل الاستثمارات في منطقة الدقم، والتعاون في مجال الطاقة، بالإضافة إلى الشراكة في مجال الأمن الغذائي، والتعاون في الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية المختلفة. وعندما يتجاوز التعاون والتحالف بين المملكة وسلطنة عمان حدود ما سبق الإعلان عنه، ويمتد إلى مجالات البيئة، وصولاً إلى الأمن الغذائي ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، فهذا دليل آخر على شمولية هذا التعاون، واحتوائه الكثير من المجالات التي تعكس حرص قيادة البلدين على تعزيز التكامل بين البلدين بصورة مغايرة عما سبق.