تحظى العلاقات السعودية العُمانية برعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والسلطان هيثم بن طارق، حيث تتواصل الاتصالات بين المسؤولين في البلدين الشقيقين بشكل دائم، وتنسيق التعاون المشترك، واستطلاع أنجح الوسائل لتطوير العلاقات في مختلف المجالات. وينتظر العلاقات مزيداً من التعاون، خاصة في مجال الاستثمار المشترك، وبعد الافتتاح المتوقع قريبا للطريق البري الذي يربط البلدين، وهناك إرادة سياسية مشتركة قوية لاستكمال هذا المشروع، لما يمثله من أهمية كبيرة في اختصار مدة السفر والانتقال بين البلدين، وتخفيض تكلفة نقل البضائع، مما يمنحها ميزة نوعية يعود نفعها على البلدين الشقيقين. وكان ملتقى الاستثمار السعودي العماني، الذي أقيم بالرياض مؤخرا باتحاد الغرف السعودية قد استعرض أوجه التعاون الاقتصادي بين المملكة والسلطنة، بما فيها إنشاء منفذٍ بريٍّ مباشرٍ يربط البلدين بطول إجمالي يبلغ أكثر من 680 كلم، حيث يسهم في توسيع وتسريع حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، ويختصر الطريق الجديد لدى افتتاحه، المسافة بين السعودية وعمان، بأكثر من 800 كيلومتر، كما يفتح المجال أمام حركة البضائع من المملكة مرورًا بالطرق البريّة في السلطنة ووصولاً إلى موانئها التي ستسهّل تصدير البضائع السعوديّة للعالم. وحققت سلطنة عمان نحو 7.32% من إجمالي حجم التبادل التجاري غير النفطي بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج، بعدما وصل إجمالي حجم التبادل التجاري مع المملكة إلى نحو 2,152 مليار ريال سعودي بالربع الأول لعام 2021، مقابل 2,303 مليار ريال في الفترة ذاتها من عام 2020. وتعمل الرياض ومسقط على زيادة حجم التبادل التجاري، من خلال إيجاد الفرص الاستثمارية وتبادل الخبرات بين الجانبين، من خلال دعم وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة في التجارة الإلكترونية، وتشكيل فريق عمل من الجانبين لتحديد الأولويات التي من شأنها دعم التبادل التجاري بين والمملكة السلطنة. وتتمثل الاستثمارات السعودية في السلطنة في مشاريع توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه، وهناك العديد من اللقاءات التي تجمع بين رجال الأعمال في البلدين سنويًا في الملتقى الاقتصادي العُماني السعودي، مما يوفر فرصة جيدة لرجال الأعمال في البلدين للتباحث في المشروعات الاستثمارية المتاحة والواعدة في البلدين. وتتميز السلطنة بوفرة إنتاجها السمكي الذي يجد إقبالًا كبيرًا في أسواق المملكة، في حين تتميز المملكة بوفرة إنتاجها للألبان والخضراوات والمواد البتروكيماوية وهذا ما سيزيد من حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين زيادة كبيرة. وتحقيقاً للاستفادة القصوى من موقع السلطنة الاستراتيجي، وحرصاً على جني المنافع التي يحققها الاستثمار الأجنبي، فقد تبنت الحكومة العمانية فكرة إقامة بعض المناطق الحرة في أجزاء مختلفة من السلطنة، منها: المنطقة الحرة في صلالة، وميناء صلالة، وميناء صحار الصناعي، والمنطقة الحرة في صحار، والمنطقة الحرة في المزيونة، والمنطقة الحرة في مسندم، ومنطقة الدقم، التي تعد المنطقة الاقتصادية الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تمتد على مساحة 2000 كم مربع، وتحتوي على عدة مناطق تطوير اقتصادي وسياحي وخدمي من أبرزها ميناء متعدد الأغراض، وحوض جاف لإصلاح السفن، وميناء للصيد، ومطار إقليمي، ومناطق سياحي وصناعية ولوجستية، ومن مميزاتها أن الواردات إلى المنطقة لا تخضع للجمارك. وتستهدف السلطنة جذب الاستثمارات الأجنبية بتوفير عدد من الحوافز ابرزها أسعار خدمات تنافسية، وإعفاء ضريبي لمدة خمس سنوات، وعدم فرض ضريبة دخل للأفراد، وحرية تحويل رؤوس الأموال والأرباح، وحرية التحويل للعملات الأجنبية، ونسبة تملك تبدأ من 70% وتصل إلى 100% بعد موافقة مجلس الوزراء، إضافة لفتح مكاتب تمثيل للشركات الأجنبية في عمان. وتسعى السلطنة في إطار التنويع الاقتصادي المرتكز على الصادرات إلى العمل على استغلال وتصنيع مواردها الطبيعية مثل الغاز الطبيعي وزيادة القيمة المضافة لتلك الموارد، حيث كثفت الحكومة جهودها للترويج، وأثمرت تلك الجهود إلى توقيع اتفاقيات لإنشاء بعض المشاريع الصناعية الكبرى بمشاركة رؤوس الأموال الأجنبية كمشروع البولي بروبلين ومشروع اليوريا والأمونيا ومشروع الميثانول ومصهر الألمنيوم ومشروع الصلب والحديد، إضافة إلى مشروع الأسمدة في ولاية صور ومشروع شركة قلهات للغاز الطبيعي المسال. بدوره أوضح عضو مجلس الأعمال السعودي العماني باتحاد الغرف السعودية بالرياض ناصر السهلي أن أرقام التبادل التجاري بين المملكة وسلطنة عمان مازالت دون المأمول تحقيقه، خاصة وأن الجانبين السعودي والعماني لديهما أكبر تعداد سكاني في منطقة الخليج العربي، كما يمتاز الجانبان بتنوع اقتصادي، من معادن وطاقة وثروة سمكية، وإمكانات سياحية. وأشار السهلي إلى أن من أهم التحديات التي تواجه التجارة البينية بين البلدين عدم فتح المنفذ البري، وعدم وجود صندوق استثماري تمويلي؛ لتشجيع الاستثمار، والمساهمة في فتح آفاق جديدة للاستثمار بين الطرفين. ونوه السهلي إلى أن المناخ الاستثماري في سلطنة عمان هادئ وآمن. وبيّن السهلي أنه وبشراكة مع مستثمرين عمانيين قد اقتحموا مجال الاستثمار في البتروكيماويات في مدينة سدير بالمملكة، إضافة إلى الاستثمار في مجال التعليم بسلطنة عمان. وأشار السهلي إلى أن العلاقات السعودية العمانية علاقات جوار ومصير مشترك، كما يشتركان في العديد من الفرص الاستثمارية المحفزة.