منذ عقود ونحن نسمع من أصحاب المنشآت الخاصة ومن يمثلهم، أن السعوديين لا يرغبون في القطاع الخاص أبدا، وأنهم دائما يتطلعون إلى وظائف في القطاع العام الأكثر أمانا واستقرارا، لذا فهم يفضلون الوافدين من خلال استقدام الملايين منهم تحت شعار سد الحاجة، ولو كان على حساب توظيف السعوديين وتعزيز ظاهرة التستر التي كلفت الاقتصاد أكثر من نصف مليار ريال سنويا، اليوم ردت عليهم الهيئة العامة للإحصاء عندما سألت المتعطلين السعوديين في الربع الأول من 2021، عمَا إذا كان يقبلون العمل في القطاع الخاص، وجاءت الإجابة صادمة لمن يدعي أو يقول إن السعودي لا يرغب العمل في منشآت القطاع الخاص، حيث أجاب هؤلاء المتعطلون «بنعم» بنسبة 94.7 %، بينما فقط 5.3 % هم الذين لا يرغبون، فلا عذر بعد اليوم للقطاع الخاص وعليه توظيف السعوديين وخفض معدل البطالة السعودية فالذي لا يرغب هو من تعج منشآته بالعمالة غير السعودية، وهنا لا نتحدث من فراغ بل بنسب وأرقام رسمية أوضحت حجم التباين بين توظيف السعوديين وتوظيف العمالة الوافدة. إن فهم ميكانيكية وديناميكية سوق العمل وتطوراته وأثر المتغيرات الاقتصادية على معدل البطالة وسرعة تقلصيها يتمحور في العلاقة بين حجم قوة العمل، مشاركة السعوديين وغير السعوديين في قوة العمل، والباحثين عن عمل، ومنهم خارج قوة العمل بعد أن يئسوا. فقد أوضحت الهيئة العامة للإحصاء أن معدل البطالة انخفض ب 1.1 % من 11.8 % في الربع الأول من 2020 وب 8.4 % من 12.6 % في الربع الرابع من 2020 الى 11.7 % في الربع الأول 2020. كما ارتفع معدل مشاركة السعوديين في القوى العاملة ارتفاعا ملحوظا ب 6.7 % في الربع الأول 2021 مقارنة بنظيرة من العام الماضي، والذي قابلة أيضا نمو في مشاركة غير السعوديين ب 3.5 % خلال نفس الفترة. كما نما معدل تشغيل السعوديين ب 0.1 % وب 1.1 % في الربع الأول من 2021 مقارنة بالربع الأول والرابع من 2020. كما أوضح تقرير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في الربع الأول 2021، أن عدد السعوديين المشتركين في التأمينات الاجتماعية بلغ 1841920 مشتركا، بينما بلغ عدد المشتركين غير السعوديين 6254660 مشتركا؛ أي أن السعوديين يمثلون فقط 29.4 % من إجمالي العاملين المشتركين من القطاع الخاص. كما أن أجور 502,609 سعوديين أقل من 3000 ريال شهريا، و570,128 سعوديا ما بين 3000 - 4999 ريالا شهريا أي أن 58 % من إجمالي المشتركين السعوديين رواتبهم 4999 ريالا واقل. لقد جاء رد المتعطلين السعوديين صادما للقطاع الخاص بأنهم يرغبون بالعمل في منشآته، فهل القطاع يرغب ويفضل توظيفهم؟ إذا الإجابة «بنعم» فعليه جذب السعوديين بإعطائهم أجورا تتماشي مع تكلفة المعيشة وساعات عمل أقل، وهذا سوف يزيد إنتاجيتهم وتفانيهم في أداء عملهم، بما يعزز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ويقلص معدل البطالة إلى أقل من 7 % لتحقيق رؤية 2030، بل بأقل من ذلك.