منظمة شنغهاي للتعاون هي منظمة إقليمة حديثة يصعد نفوذها وتتسع رقعتها الجغرافية بشكل مطرد. وقد تأسست المنظمة العام 2001م، وهي تضم اليوم ثمانية أعضاء (روسيا والصين وطاجيكستان وأوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان وباكستان والهند)، بالإضافة إلى عدد من الدول المراقبة والدول الشريكة في الحوار. تترأس جمهورية طاجيكستان، منظمة شنغهاي للتعاون في العام الجاري الذي يصادف الذكرى العشرين لتأسيسها وذلك تحت شعار "عشرون عاماً على منظمة شنغهاي للتعاون: التعاون على الاستقرار والازدهار". ومن المقرر أن تستضيف طاجيكستان في شهر سبتمبر المقبل، قمة قادة الدول الأعضاء في المنظمة بمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين من تأسيسها. وقال الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان والرئيس الحالي لمجلس قادة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، في تصريحات حول المسيرة العشرينية للمنظمة وأولوياتها المستقبلية وفيما يلي أهم ما جاء فيها: إن جمهورية طاجيكستان وهي تحتفل هذا العام بالذكرى الثلاثين لاستقلالها الوطني، لطالما حرصت منذ فجر استقلالها على بناء علاقات مبنية على المصالح المشتركة مع المجتع الدولي في إطار استراتيجيتها الدولية، التي تتبنى سياسة حسن الجوار مع دول آسيا الوسطى والحضور البناء على المحيطين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى المشاركة الواسعة في إطار المنظمات الدولية والإقليمية، بما فيها منظمة شنغهاي للتعاون. وعلى مدى عشرين عامًا من تاريخها تحولت منظمة شنغهاي للتعاون إلى نموذج جديد للمنظمات الدولية الرائدة بعد أن مرت بمسيرة طويلة من التكوين والتطور. وفي ظل تصاعد وتيرة التهديدات الأمنية في المنطقة في نهاية تسعينات القرن الماضي، وجدت الدول الأعضاء في "خماسية شنغهاي" نفسها أمام واقع كان يتطلب اتخاذ قرار حاسم بشأن ضرورة الاتفاق على إنشاء منظمة جديدة مكتملة كواحدة من الأدوات المهمة لمواجهة التحديات الجديدة. وإن فكرة إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون تمخضت عن القمة التي استضافتها مدينة دوشنبه في 5 يوليو 2000م والتي استبدلت خماسية شنغهاي بمنتدى شنغهاي وتبنت رؤى واستراتيجية لإنشاء منظمة شنغهاي للتعاون. وخلال مؤتمر القمة الذي عقد بمدينة شنغهاي الصينية في 15 يونيو 2001م تم اعتماد بيان مشترك بشأن إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون. هناك العديد من العوامل التي أدت إلى ظهور المنظمة، مثل انهيار نظام القطبية الثنائية إثر تفكك الاتحاد السوفياتي السابق وتنامي التحديات الحديثة ورغبة الأطراف في إيجاد آليات تعزز التكامل الإقليمي. ومستجدات الواقع العالمي كانت تلحّ على المنظمة الفتيّة ضرورة العمل على نهج مختلف حتى يتسنى لها الإسهام المشهود في تسوية القضايا الإقليمية المحورية، وأن تحظى المنظمة بقوة وإمكانية تؤهلها لتلبية مصالح الدول الأعضاء وتحقيق التكامل الأمني والاقتصادي والتجاري والثقافي والإنساني بينها. وفي إطار المنظمة تم اعتماد خطط للتعاون الاقتصادي الطويل الأجل بين الدول الأعضاء، تهدف إلى تسهيل التبادل الحر للسلع والخدمات والتكنولوجيات بين جميع الدول الأعضاء. كما أن تعاون البلدان يتطور بقوة في مكافحة الجريمة وفي مجالات الثقافة والتعليم والعلوم والتكنولوجيات المبتكرة. وإن عمل منظمة شنغهاي للتعاون على مدى عشرين عاماً يؤكد أن هذه المنظمة هي منصة جديرة ورائدة، لمناقشة وحل المشكلات الإقليمية والدولية الملحّة. فمن هذا المنطلق تشارك طاجيكستان بقوة في أنشطة المنظمة، بما في ذلك في برنامجها الخاص بالتجارة المتعددة الأطراف والتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء. وعلى مدى عشرين سنة نالت منظمة شنغهاي للتعاون الاعتراف كمنظمة فعالة، واكتسبت سمعة رفيعة في العالم. كما أن حصولها على صفة المراقب لدى الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة وتعاونها الفعال مع رابطة الدول المستقلة (CIS)، ورابطة أمم جنوب شرق آسيا (ASEAN)، أمر يشهد على تنامي سمعة المنظمة على الصعيد الدولي. كما أن عملية تطور منظمة شنغهاي للتعاون وتوسعها المستقبلي تتوقف على عوامل إقليمية دولية ترجع إلى الوضع الجيوسياسي العالمي والتعاون حول قضايا الأمن الإقليمي والتجارة والتنمية الاقتصادية. وأضاف لقد استلمت طاجيكستان العام 2020م رئاسة المنظمة من روسيا الاتحادية. ففي هذا الإطار ستُعقد في دوشنبه قمة اليوبيل لقادة دول منظمة شنغهاي للتعاون في 16-17 سبتمبر 2021م، الأمر الذي يعتبر رمزياً للغاية، إذ إن القرار المبدئي بشأن إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون كان قد تم اتخاذه في عاصمة بلادنا. ونحن على يقين أن منظمة شنغهاي للتعاون ستواصل عملها كمنصة فعالة لتبادل الآراء وصناعة المواقف المشتركة مستكملةً مسيرة عملها السياسي وفقًا لمقتضيات العصر. واختتم الرئيس قائلا: إن المسيرة العشرينية لعمل منظمة شنغهاي للتعاون كشفت أن لها مستقبلاً واعداً وهي تحولت اليوم إلى قوة واقعية على الساحة الدولية. والدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون أحرزت مستوى رفيعاً من التعاون في تسوية القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية وهي تسهم مجتمعةً في احتواء المستجدات العالمية.