يقول الروائي البرازيلي باولو كويلو: "إن القرارات تشكل فقط بداية شيء ما، فعندما يتخذ شخص ما قرارات يغوص فعلاً في تيار جارف يحمله نحو وجهة لم يكن يتوقعها إطلاقاً حتى في الحلم لحظة اتخاذ ذلك القرار". فعند التفكير في أكثر الأشخاص نجاحًا، فإننا غالبًا ما نعزو سبب نجاحهم إلى قدراتهم على اتخاذ القرارات الصحيحة، نظرًا لما تلعبه هذه المقدرة من دور حاسم في مسيرة أعمالهم ووظائفهم، بل وحتى حياتهم الشخصية، كما يرى خبير مصري للتنمية البشرية والبرمجة العصبية إبراهيم الفقي الذي يقول: "أنت هنا بسبب قرارات الأمس، وستكون غداً بسبب قرارات اليوم" نجده متوافقاً مع المؤلف الأميركي دان براون الذي يقول "قرارات الأمس تحدد مستقبلنا" والقرار هو عبارة عن اختيار من بين بدائل معينة وقد يكون الاختيار دائماً بين الخطأ والصواب أو بين الأبيض والأسود، وإذا لزم الترجيح وتغليب الأصوب والأفضل أو الأقل ضرراً أو هو التعرف على البدائل المتاحة لاختيار الأنسب بعد التأمل بحس متطلبات الموقف وفي حدود الوقت المتاح، إن اتخاذ القرارات هو عملية الاختيار الناجح بين حلّين أو أكثر لمشكلة معيّنة، حيث يعتمد اتخاذ القرار على أحد العاملين التاليين أو كلاهما: الحدس وهو الرجوع إلى المشاعر الغريزية، والمنطق وهو استخدام الأرقام والحقائق المتوافرة حول مشكلة أو قضية معيّنة. ويقول مارك زوكربيرغ -مؤسس فيسبوك- إن "السؤال الحقيقي بالنسبة لي هو، هل الناس لديهم الأدوات التي يحتاجون إليها من أجل أخذ القرارات بشكل جيد؟" وعملية اتخاذ القرار تشكلها بعض الخطوات وهي تحديد المشكلة، ووضع قائمة بجميع الحلول الممكنة، وتقييم تكاليف وإيجابيات وسلبيات كلّ خيار مطروح، واختيار حلّ واحد مناسب، وأخيراً تقييم أثر القرار المُتخّذْ، وإجراء أي تعديلات أو تغييرات ضرورية، وعلى الرغم ممّا يعتقده البعض من أنّ اتخاذ القرار هو مهارة فطرية يولد بها الفرد، إلا أنّه في الواقع مهارة مكتسبة تتطوّر وتنمو مع التدريب والتمرين ويمكن تنمية مهارات اتخاذ القرار لديك بالآتي: اجمع معلومات كافية عن الموضوع، وتجنّب اتخاذ القرارات المشحونة أو المبنية على العاطفة، وخذ وقتًا كافيًا لاتخاذ القرار، وفكّر في الموقف على المدى البعيد والقصير، وقارن بين سلبيات وإيجابيات قرارك، وركّز على الأولويات، وفكّر في البدائل، وضع خطة طوارئ، ولا تتردّد في طلب العون من الآخرين، وأبعد نفسك عن المشكلة، وتذكّر دومًا ليس هناك ما لا يمكن إصلاحه، أيّاً كان القرار الذي اتخذته، يمكنك دومًا اتخاذ قرار جديد يصلح ما أفسده سابقه أو يلغيه أو يحسّنه، فلا تستلم، وابدأ في الحال بصنع مستقبلك بيديك من خلال قراراتك، وتذكر قول ديل كارنيجي "إن نصف القلق الموجود في العالم بسبب أُناس يحاولون اتخاذ قرارات قبل أن يكون لديهم المعلومات الكافية"، وقول الزعيم الروحي الدالاي لاما "السعادة ليست شيئاً جاهز الصنع، إنها تُصنع من الأفعال والقرارات التي اتخذناها"، وهناك محاذير عليك أن تتجنبها عند اتخاذ القرار منها المجاملات، والعواطف، والتردد، والتراجع، والنشر، والعجلة. إن كارثة اتخاذ القرار الخاطئ لا تتوقف عنده لأن ما سيبنى عليه سيكون أيضاً خاطئاً كما يرى الأديب السعودي غازي القصيبي "عندما يكون القرار الأصلي خاطئاً فلن تكون القرارات الفرعية النابعة منه صحيحة"، "من المفترض أن يفكر الإنسان جلياً ويتأنّى ويحسب خطواته جيداً قبل أن يتخذ أي قرار مهم في حياته"، هذا ما نصح به الطبيب الاستشاري في الطب النفسي، علي الحرجان.