في ظل رؤية 2030، تسير برامج الاقتصاد السعودي بوتيرة متسارعة، لا تعرف التمهل أو التأجيل، وكأنها في سباق مع الزمن، لتحقيق كل تطلعات الرؤية وترجمة أهدافها على أرض الواقع في وقتها المحدد، باستخدام طرق علمية مدروسة ومراحل متدرجة، تؤكد لمن يهمه الأمر أن هذه البلاد سلكت الطريق الصحيح لصناعة اقتصاد قوي ومزدهر ودولة متطورة، ينعم كل من يعيش فيها ببحبوحة العيش ورغده. وجاءت الرؤية بتصورات شاملة، وبرامج متنوعة، لم تترك أمراً يخص شؤون البلاد، إلا ومنحته حقه من الاهتمام المطلوب، بداية من التخطيط المحكم، مروراً بالتنفيذ الدقيق، وصولاً لتحقق النتائج المرجوة. وفي وقت باكر من إعلان الرؤية في صيف 2016، كثر الحديث عن دور القطاع الخاص في برامج الرؤية، وجددت المملكة ثقتها فيه، باعتباره شريكاً أساسياً في مشوار التنمية على مر العصور، وترجمت الحكومة هذه الثقة بدعم استثنائي، قدمته لشركات القطاع في أعقاب ظهور جائحة كورونا، هذا الدعم كان حديث الأوساط المحلية والدولية التي رأت أن المملكة تسجل مواقف مشرفة تجاه قطاعها الخاص. وإذا كان هذا القطاع قام بدور محوري في العديد من القطاعات الاقتصادية، على رأسها العقار الذي يدير مشاريعه اليوم شركات خاصة، أثبتت كفاءة استثنائية في توفير منتجات الدعم السكني في عموم المملكة، فهذا القطاع تنتظره أدوار مماثلة، عندما تطبق الدولة مشاريع الخصخصة في 16 قطاعاً خدمياً، على رأسها الصحة والتعليم والنقل والحج والعمرة والإسكان وتحلية المياه. بالطبع لن تكون تجربة الخصخصة في السعودية، مثل تجربة دول أخرى، طبقتها بطرق قديمة، انتهت بفشل ذريع، أضاع معها القطاع الحكومي، وسُرح عماله بلا مأوى وظيفي، وما أؤمن به أن الخصخصة السعودية ستطبق وفق أسس وثوابت علمية مدروسة، حددت البدايات بدقة، وتتوقع النهايات بالدقة نفسها، في إشارة إلى أن للبرامج الخصخصة أهدافاً لابد أن تتحقق، وتثمر عن تغيير حقيقي، يشعر به المواطن والمستثمرون. ثمار الخصخصة التي وعدت بها الرؤية عديدة ومتنوعة، تهدف في نهاية المشوار إلى دولة حديثة ومتطورة في منظومتها الاقتصادية، خاصة إذا عرفنا أن من ضمن هذه الأهداف تعزيز الإصلاحات الاقتصادية، وتطوير وتحديث الخدمات للمواطن والمقيم، والقضاء على الفاقد من هذه الخدمات نتيجة سوء الإدارة أو البيروقراطية، وإعادة توزيع الأدوار بين القطاعين العام والخاص، يساعد على ذلك آلية القطاع الخاص في تسيير أعماله بحرفية استثمارية، وسط تنافس كبير بين الشركات المماثلة، يسفر عنه تحسين الخدمات من جانب، وتقديم أفضل الأسعار من جانب آخر، الأمر الذي يخفف كثيراً من مسؤوليات الدولة، ويعفيها من إنفاق الميزانيات ضخمة لطالما أنفقتها في مؤسسات القطاع الحكومي. إن برامج "الخصخصة" ستكون فرصة من ذهب أمام شركات القطاع الخاص لتعزيز دورها في المشهد الاقتصادي السعودي، وكسب مزيد من ثقة الدولة التي لن تترد في إدخال قطاعات أخرى حيز الخصخصة، إذا ما نجح القطاع في إدارة وإنجاح التجربة، وغداً سنحصد المزيد من ثمار الخصخصة.