افتتح الدكتور سعيد السريحي فعاليات جمعية الفلسفة بمحاضرة الجذور الفلسفية في فكر محمد حسن عواد التنويري. وتأتي هذه المحاضرة ضمن برنامج قراءات فلسفية في الفكر السعودي وأقيمت المحاضرة بنادي جدة الأدبي وبدأت بكلمة للدكتور هادي الصمداني عضو جمعية الفلسفة رحب فيها بالحضور في الأمسية التي تمثل أول أنشطة جمعية الفلسفة في جدة وهي أولى الأوراق في برنامج "قراءات فلسفية في الفكر السعودي"، الذي يهدف إلى إعادة قراءة ما قدمه الجيل المتقدم من المفكرين السعوديين من منظور فلسفي، وإلى تحليل أطروحاتهم في قضايا الأخلاق والعقل والحرية والجمال. والمحاضرة موضوعها علم من أعلام الأدب ورائد من رواد الفكر السعودي، محمد حسن عواد الشاعر الذي عاش للشعر وكان من رواد تجديده والأديب الذي اتسمت أفكاره بالجرأة في الثورة على التقليد والجمود والانغلاق على الصعيدين الاجتماعي والأدبي. ونوه الصمداني بأن الجديد في المحاضرة التي يقدمها السريحي مقاربتها لعواد من زاوية مختلفة فهي قراءة تحاول رصد البعد الفلسفي في فكر محمد حسن عواد، وهي تقارب هذا الموضوع على نحو يستشكل معنى الفلسفة والتفلسف. ولد عواد في جدة عام 1324ه وتلقى تعليمه بمدرسة الفلاح. ولنبوغه عين مدرساً بها فور تخرجه. لم يكتف عواد بزاد مدرسة الفلاح المعرفي بل حرص على مخالطة العلماء والاتصال بمجالس الأدباء. كان عواد واسع الثقافة منفتحاً على كتب الفلسفة والمذاهب الفكرية والاجتماعية. كان كتاب خواطر مصرحة كلمته الأولى في عالم النشر، وهو الكتاب الذي عبر فيه في مقتبل عمره عن آراء جريئة في النقد والأدب والاجتماع، هذه الجرأة كانت منفذاً يعبر من خلاله عن رغبته في تحطيم رواسب الماضي وتقاليده الجامدة. تحدث بعدها الدكتور سعيد السريحي الذي رأى ورقته تأتي في سياق اهتمامات الأصدقاء في جمعية الفلسفة الفتية، تلك الجمعية التي لا يشكل تأسيسها نقلة نوعية في ثقافتنا الوطنية فحسب وإنما يشكل الأساس الذي ينبغي أن تنبني على بعد فلسفي لا يمكن لها أن تخرج عن أن تكون أخذاً من كل علم بطرف ومستطف من كل فن مستظرف، فإن تجاوزت ذلك غدت تراكماً معرفياً يضم بين جنباته نقائض وأضداد لا ينتظمها عقل ناقد يمكن له أن يفضي بتراكمها إلى طفرة تربطها بروح العصر وهموم الإنسان، وأضاف: لعل من بشائر مستقبلنا الثقافي أن تكون جمعية الفلسفة من بشائر المؤسسات الثقافية مشكلة رسالة واضحة مفادها إن أردتم أفقاً جديداً لثقافتنا فابدؤوا من هنا. ولعل تقبلكم وضعي هذه الورقة في سياق اهتمامات جمعية الفلسفة من شأنه أن يغري بوضعها في سياق آخر يتصل بما سبق ويتمثل في سياق برنامج الجمعية نفسها لهذا العام "قراءات فلسفية في الفكر السعودي" ويضم عدداً من المحاضرات التي تستقصي الأبعاد الفلسفية عند رواد الأدب في المملكة وقد شرفني الزملاء في جمعية الفلسفة أن تكون ورقتي هذه فاتحة محاضراته. وتابع السريحي: إذا ما نظرنا في ضوء ما سلف إلى هذه الورقة التي تتخذ من "الجذور الفلسفية عند محمد حسن عواد" عنواناً لها، وإلى المحور الذي تنتمي إليه "قراءات فلسفية في الفكر السعودي" كان من حقنا أن نتساءل عما إذا كنا بصدد دراسة فلسفية بحتة كما لو كنا نبحث عن الجذور الفلسفية في فكر الفارابي أو نتباحث حول العلاقة الجدلية بين الفكر والواقع في الفلسفة الظاهراتية، أم أننا أمام رغبة صادقة في تأصيل الدرس الفلسفي الذي شرعنا في الأخذ به من خلال البحث عن جذوره لدى أولئك الرواد الذين كانت الفلسفة في الحقبة التي عاشوها وكان الحديث عنها ضرباً من لغو القول الذي ينبغي أن يتم التنزه عنه، ولعل من شأن البحث عن هذه الجذور عند الرواد من أسلافنا الذين ورثنا عنهم هم الثقافة أن يرفع عن المعنيين بالدرس الفلسفي ضرباً من الشعور الخفي بالاغتراب فحسبهم أنهم إنما يستكملون ما كان قد شرع فيه الآباء المؤسسون أو إنما يعلنون ضرباً من المعرفة كان أولئك الآباء يسرون القول فيه. ولعل في عودتي إلى البحث في واحد من أوائل الكتب التي صدرت في ثقافتنا الوطنية، بل الأول باعتباره كتاباً لمؤلف واحد وليس مجموعة مقالات وقصائد لعدة كتاب. وتطرق السريحي في محاضرته إلى كتاب خواطر مصرحة لمحمد حسن عواد وقال: لا تخفى على من يقف على كتاب خواطر مصرحة، وهو أول كتب محمد حسن عواد وأكثرها شهرة وأشدها تأثيراً، تلك النبرة العالية من الغضب وإرادة التمرد التي تغلب على لغة ذلك الكتاب شعراً وخواطر ونثراً، وهي النبرة التي اتسمت بها لغة الناشئة من الشباب آنذاك. د. السريحي محاضراً عن فلسفة محمد حسن عواد