من المتوقع أن تحافظ الشركات البتروكيميائية الخليجية على الإنتاج عند 175 مليون طن متري في العام 2021، في حين، تشرع الصين وجهة التصدير الرئيسة في حملة الاكتفاء الذاتي، مما يدفع منتجي المنطقة إلى الاهتمام بالسوق الإفريقية، وفقًا للأمين العام لاتحاد الخليج للبتروكيميائيات والكيميائيات "جيبكا"، د. عبد الوهاب السعدون الذي قال في مقابلة مع "جلوبال بلاتس" إن الصين هي أكبر أسواق منتجي البتروكيميائيات في الخليج العربي، حيث تمثل 23.8 ٪ من إجمالي الصادرات. بينما تعمل الصين على زيادة الإنتاج المحلي وخفض وارداتها من بعض المواد الكيميائية وسط حملة الاكتفاء الذاتي التي قد تؤثر على الصادرات المستقبلية للمنطقة، والدول الست التي يتألف منها مجلس التعاون الخليجي هي السعودية والإمارات والكويت وقطروعمان والبحرين. وزاد السعدون "كانت الصين في حملة بيع قوية للغاية تعتمد على الاكتفاء بالفحم، وقد أدى ذلك إلى خفض استيراد بعض المنتجات، حيث تحولت الصين خلال السنوات القليلة الماضية من كونها مستورداً صافياً لبعض المواد الكيميائية السلعية إلى مصدر صافٍ وضمن أقوى المنافسين". وأوضح السعدون بأن أكبر سوق للمواد الكيميائية بالنسبة للمنطقة يقع في آسيا والتي تمثل 68 ٪ من صادرات الخليج الكيميائية، ومع تغير المشهد الصناعي الذي تحركه حملة الاكتفاء الذاتي المستمرة في الصين والهند، والعديد من المشروعات القائمة على النفط الصخري في الولاياتالمتحدة التي بدأت في العمل. مشدداً القول "وقريباً، ستكون هناك منافسة شديدة للاحتفاظ بحصة السوق في الأسواق الآسيوية". ومن المتوقع أن ينفق منتجو البتروكيميائيات في الخليج العربي 71 مليار دولار على التطورات المحلية الجديدة بين 2020 - 2024، بما في ذلك المشروعات قيد الإنشاء أو التي أكدها المطورون، ويحدث هذا على الرغم من حملة الاكتفاء الذاتي في آسيا، وتزايد الحمائية وزيادة الحواجز التجارية. وقال السعدون "نرى فرصا في الأسواق الإفريقية يمكن أن تخفف من مخاطر التراجع المحتمل في الطلب في أسواقنا الحالية بسبب حملة الاكتفاء الذاتي". وتتجه صناعة دول مجلس التعاون الخليجي الآن نحو المنتجات عالية القيمة مثل المواد الكيميائية المتخصصة والتي يتم إنتاجها عادة بكميات أقل بكثير ولكنها أعلى بكثير من حيث القيمة، والطلب عليها أقل دورية بالمقارنة مع البتروكيميائيات السلعية. وتعمل العديد من دول الخليج على دمج البتروكيميائيات مع المصافي، مثل مشروع رأس الزور الكويتي وتطوير الدقم في سلطنة عمان، بينما تنشئ في الوقت نفسه صناعات محلية لتحفيز الطلب على منتجاتها والاعتماد بشكل أقل على أسواق التصدير، مثل الصين. وقال السعدون: "على المستوى الإقليمي، هناك اتجاه لتطوير مناطق متخصصة لسلاسل القيمة النهائية لاكتساب المزيد من القيمة وخلق فرص العمل محليًا". مبرراً بأن مثل هذا النهج سيؤدي، إلى حد ما، إلى التخفيف من المخاطر المتعلقة بالحمائية والحواجز التجارية التي تعتمدها أسواق الاستيراد الرئيسة لحماية صناعاتها المحلية. ومع ذلك، من المتوقع "أن تظل صناعتنا موجهة نحو التصدير نظرًا لصغر حجم السوق الإقليمية المحلية". من جهته، قال إيشوار يينيغالا، كبير محللي البتروكيميائيات لدى "بلاتس": إن جهود الصين الحالية لتقليل واردات المواد الكيميائية تتضمن بناء مصافٍ ضخمة لزيادة إنتاج النافثا إلى أقصى حد وتأمين السلائف لإنتاج المواد الكيميائية. ومع الوتيرة الحالية للاستثمارات ونمو الطلب الصعودي المتوقع في عالم ما بعد الجائحة، قد لا تتمكن الصين من تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل في سلسلة قيمة الأوليفينات، بما في ذلك المواد الكيميائية مثل الإيثيلين، والبروبيلين، وجلايكول الايثيلين الأحادي، والبوليمرات مثل البولي إيثيلين، والبولي بروبلين. بينما تتمتع الدولة الآسيوية بالاكتفاء الذاتي في أسواق البولي ايثيلين ترفتلات، والبوليستر، وقد حققت مؤخرًا فائضًا في "بي تي إيه". وقال يينيغالا: "إن دافع الصين للاكتفاء الذاتي من البتروكيميائيات يخلق رياحًا معاكسة للاستثمارات في المناطق التي لديها بالفعل فائض من حيث إنتاج الكيميائيات مثل الشرق الأوسط والولاياتالمتحدة". فيما أدى الوباء إلى تأخير أو دفع إعادة تشكيل بعض مشروعات البتروكيميائيات في منطقة الخليج، مع حدوث أكبر تغيير بارز في مشروع المملكة العربية السعودية لتحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية بقيمة 20 مليار دولار، وهو مشروع مشترك بين أرامكو السعودية وسابك تم تقليص حجمه، حسبما ذكرت "جلوبال بلاتس". كما تم تأجيل مشروع راس لفان للبتروكيماويات في قطر، إلى جانب مشروعات الزور الكويتي والدقم العماني، خلال الوباء. وأشار السعدون إلى أن بعض المشروعات أحرزت تقدما، بما في ذلك مشروع الفارابي للبتروكيميائيات الذي تبلغ تكلفته مليار دولار وينفذ بالجبيل الصناعية، إضافة لمشروع أميرال المشترك بين أرامكو وتوتال في نفس المدينة السعودية. كما يسير مشروع "بروج 4" الإماراتي في الموعد المحدد. وأضاف السعدون أنه من المتوقع الانتهاء من جميع هذه المشروعات بحلول 2023 - 2024. ولم يغفل أمين "جيبكا" الميزة التنافسية للغاز الطبيعي التي يتمتع بها المنتجون الخليجيون، وقال السعدون إن بعض أقرانهم يستخدمون الغاز الطبيعي كمادة وسيطة، وسعره ثابت، على عكس المنافسين في آسيا الذين يعتمدون على النافثا، وهو منتج ثانوي للنفط يرتفع سعره مع ارتفاع أسعار الخام. ولكنه أضاف بأنه مع ارتفاع أسعار النفط الخام، ستزدهر صناعة البتروكيميائيات في الخليج وسط توقعات بأن أسعار الكيميائيات قد تقترب من مستويات ما قبل الوباء بنهاية العام الجاري، ملفتاً إلى أن صناعة البتروكيميائيات تظل مدعومة بالتعافي الأسرع من المتوقع في الاقتصاد العالمي. وبالتأكيد كان د. عبدالوهاب السعدون متفائلا بالغد المشرق لصناعة البتروكيميائيات الخليجية بقوله "لدينا أسباب تدعو للتفاؤل بأن مستقبل الصناعة مشرق مدفوع بتعافي العديد من الصناعات التحويلية الرئيسة مثل صناعة السيارات والإلكترونيات". د. عبدالوهاب السعدون